الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أن المناط في اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض هو رفعها بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود الأول من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972، أو تعلق المنازعة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائل القانون العام، أما المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية - دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية - فإن الاختصاص بالفصل فيها يكون معقوداً لمحاكم القضاء العادي وحدها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات - عدا المنازعات الإدارية وما استثني بنص خاص.

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 4136 سنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لهم مبلغ 250000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية فضلاً عن التعويض الموروث، وقالوا بياناً لذلك إن مورثهم كان عاملاً للنظافة لدى الطاعن الثاني - محافظ القاهرة - وحال تأدية عمله يوم 6/ 10/ 1986 انفجر فيه جسم معدني - دانة مدفع - وأودى بحياته وقد تبين من تحقيقات القضية رقم 157 سنة 1986 جنايات عسكرية شرق القاهرة أن الجسم المعدني مملوك للطاعن الأول - وزير الدفاع - وقد اختلسه أحد ضباط الاحتياط بإهمال تابعيه فضلاً عن أن الطاعن الثاني لم يوفر الاحتياطات الكافية لحمايته من الأخطار التي يتعرض لها أثناء عمله، فيكونا مسئولين عن تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم والتي يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فأقاموا الدعوى. بتاريخ 30/ 1/ 1988 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يؤديا للمطعون ضدهم أربعة عشر ألف جنيه. استأنف المطعون ضدهم الحكم لدى محكمة استئناف رقم 2185 سنة 105 ق طالبين زيادة التعويض، كما استأنفه أيضاً الطاعنان لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 5882 سنة 105 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 17/ 1/ 1989 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون ضدهم سبعة عشر ألف جنيه وفي الاستئناف الثاني برفضه، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كانت دعوى المطعون ضدهم بطلب التعويض مؤسسة على إهمال الجهات الإدارية في إدارة وتسييد المرافق العامة ومن ثم يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات الإدارية وإذ قضى الحكم المطعون فيه في الدعوى رغم عدم اختصاصه بنظرها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 46 لسنة 1972 أن المناط في اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض هو رفعها بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود التسعة الأول من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972، أو تعلق المنازعة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائل القانون العام، أما المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية - دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية - فإن الاختصاص بالفعل فيها يكون معقوداً لمحاكم القضاء العادي وحدها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات - عدا المنازعات الإدارية وما استثني بنص خاص - لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم وبمورثهم نتيجة انفجار جسم معدني - دانه مدفع - عثر عليه أثناء تأدية أعمال وظيفته وذلك على سند من أن الطاعن الأول حارس للشيء الذي انفجر فيه، كما قصر موظفيه في المحافظة عليه مما نجم عنه قيام أحد الضباط بسرقته وأن الطاعن الثاني لم يوفر وسائل السلامة للعاملين لديه، ومن ثم تكون الدعوى مؤسسة على أحكام المسئولية التقصيرية المبين أحكامها في القانون المدني، فإن مؤدى ذلك أن تختص المحاكم العادية بالفصل في الدعوى وينحسر عنها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في الدعوى فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان الثابت من تحقيقات القضية رقم 157 سنة 1986 جنايات عسكرية شرق القاهرة أن الجسم المعدني الذي تسبب في وقوع الحادث سرقه أحد ضباط الاحتياط بالقوات المسلحة في عام 1975 - أي قبل وقوع الحادث بأحد عشر عاماً ومن ثم تكون الحراسة قد انتقلت إلى هذا الضابط ويكون مسئولاً عما يحدثه الشيء من ضرر وإذا خلص الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعن الأول هو الحارس على الشيء فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقام الحكم قضاءه على دعامتين فإن كفاية إحداهما لحمل الحكم يكون تعييبه في الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعن الأول - وزير الدفاع - باعتباره مسئولاً عن خطأ تابعيه المتمثل في إهمالهم في حراسة الشيء الأمر الذي أدى إلى سرقته إعمالاً للمادة 174 من القانون المدني وإلى مسئوليته باعتباره حارساً للشيء وذلك إعمالاً للمادة 178 من ذات القانون وكانت الدعامة الأولى وحدها كافية لحمل الحكم المطعون فيه ولم تكن محل نعي من الطاعنين فإن تعييبه في الدعامة الثانية - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن حقيقة دعوى المطعون ضدهم هي طلب تعويضهم عما أصابهم وأصاب مورثهم من ضرر باعتبار أن الإصابة إصابة عمل مما كان يتعين معه على محكمة الموضوع أن تتقيد بأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي وتعديلاته فيما يتعلق بإصابات العمل والتي تستلزم وقوع خطأ جسيم واجب الإثبات من الطاعنين بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت بالأوراق أنه لا توجد علاقة عمل بين مورث المطعون ضدهم وبين الطاعن الأول - وزير الدفاع - مما لا يستلزم تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي أو قانون إصابات العمل على مسئوليته لما كان ذلك وكان النص في المادة 68 من القانون المشار إليه على أنه لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر، كما لا يجوز ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه" يدل على أن خطأ صاحب العمل الذي يرتب مسئوليته الذاتية هو خطأ واجب الإثبات، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن الثاني - محافظ القاهرة - بالتعويض استناداً إلى صدور خطأ ذاتي هو عدم توفير وسائل الأمن والأمان للعاملين لديه بما يرتب مسئوليته الذاتية عن تعويض ما نشأ من ضرر، وكان قانون التأمين الاجتماعي لم يستلزم وقوع خطأ جسيم من صاحب العمل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان الحكم قد ألزم الطاعن الثاني بالتعويض على سند من أنه لم يوفر وسائل الأمن والأمان للعاملين لديه دون أن يبين سنده في ذلك خاصة وأن قانوني الحكم المحلي والعاملين المدنيين بالدولة لم توجبا عليه توفير هذه الوسائل فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان سبب الطعن متعلقاً بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الاستئناف فإنه يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يفيد تمسك الطاعنين بالدفاع الوارد بسبب النعي، فإنه لا يجوز لهما إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتضمنه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم لم يراع عند تقدير التعويض خصم ما حصل عليه المطعون ضدهم من حقوق وفقاً لأحكام التأمين الاجتماعي، وبذلك يكون قد قضى لهم بتعويض عن ضرر واحد بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما تؤديه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعامل - أو ورثته - بسبب إصابات العمل إنما هو مقابل ما تستأديه هذه الهيئة من اشتراكات تأمينية بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول وليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين بالتعويض بعد إن خلص إلى ثبوت الخطأ في جانبهما فإنه لا يعيبه التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعنان من أن ما تقاضاه المطعون ضدهم من هيئة التأمينات الاجتماعية له أثره في تقدير التعويض، لما هو مقرر من أن الدفاع ظاهر البطلان لا يستأهل رداً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكاً في دفاعهما في صحيفة الاستئناف أن الشيء لم يتدخل تدخلاً إيجابياً في إحداث الضرر وأن الضرر وقع بخطأ المجني عليه بما يقطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر، وإذا التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليل وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه دون أن تتناوله في حكمها، ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها لما كان ذلك وكان الطاعنان وإن تمسكا في دفاعهما بأن الشيء لم يتدخل في إحداث الضرر تدخلاً إيجابياً وأن الضرر حدث نتيجة خطأ المجني عليه وحده بعبثه بالشيء دون أن يقدما الدليل على وقوع هذا الخطأ في جانب المجني عليه وكان الواقع الثابت في الدعوى أن المجني عليه - باعتباره عامل نظافة - كان يؤدي عمله بجمع القمامة عندما انفجر فيه الشيء ولم يثبت في الأوراق أنه تجاوز حدود عمله بأن عبث بالشيء مما أدى إلى انفجاره وأن هذا الخطأ هو وحده سبب الحادث ومن ثم فإن ما يتمسك به الطاعنان يكون دفاعاً عارياً عن دليله ولا يسانده الواقع وإذ أعرض المطعون فيه عن تناول هذا الدفاع والرد عليه فإنه لا يعيبه بالإخلال بحق الدفاع أو القصور في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.