الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

 لما كانت المادة 103 من قانون العقوبات قد نصت على أن: " كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيًا "، وكان من المقرر أنه ليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة، بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة.

وقررت محكمة النقض في حكمها

أولاً: وحيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الأول.... :
أ - فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابة قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وأخل بحق الدفاع، ذلك أن الحكم قضى بمعاقبته عن كل من الجرائم المسندة إليه حال كونها مرتبطة مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة واحدة عنها، كما عول الحكم فى قضائه بالإدانة على اعتراف المتهمين من السادس حتى الخامس عشر رغم أنهم أدلوا باعترافاتهم مدفوعين بأمل الاستفادة من نص المادة 107 مكررًا من قانون العقوبات فى حين أن الشريعة الإسلامية وهى المصدر الرئيسى للتشريع لا تقبل شهادة من يرمى إلى مغنم شخصى، هذا وقد دفع الطاعن بأنه غير مختص ببعض الأعمال التى قيل بأخذ رشوة من أجلها بعد أن انتقل للعمل بشركة أخرى واطرح الحكم هذا الدفع برد قاصر غير سائغ، وأخيرًا وإذ صمم الدفاع عن الطاعن على الاطلاع على المستندات التى قدمتها النيابة العامة بمرافعتها طلبت منه هيئة المحكمة أن يترافع فى موضوع الدعوى مما أحاطه بالحرج واضطره لقبول ما ارتأته المحكمة من نظر الدعوى بغير الاطلاع على هذه المستندات وطرح الحكم طلب التأجيل للاطلاع على مرافعة النيابة بما لا يصلح ردًا، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ب - وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن فى قوله: " أن واقعات الدعوى...... تتحصل فى أن المتهم السادس.... يملك شركة.... للأغذية وخدمات العمالة الفنية لقطاع البترول، وترتبط هذه الشركة بشركة.... للبترول التى تساهم الهيئة المصرية العامة للبترول فى مالها بنصيب بعقد قابل للتجديد سنويًا وذلك لتقديم خدمات التغذية وأعمال النظافة والإعاشة للعاملين بهذه الشركة فى مواقع العمل ويتضمن العقد التزام الشركة المذكورة بتقديم ثلاث مستويات من الوجبات تختلف أسعارها باختلاف المستوى الوظيفى للعاملين وتلتزم شركة.... بسداد المستحقات المالية للشركة المذكورة فى مواعيد محددة يتخللها مراجعة إدارة العمليات بشركة.... فواتير تلك المستحقات واعتمادها ولدى تعيين المتهم "الطاعن " مديرًا عامًا لإدارة العمليات بشركة.... توقفت الشركة عن سداد بعض المستحقات المالية لشركة المتهم السادس نتيجة عدم مراجعة إدارة العمليات فواتير هذه الشركة واعتمادها دون مبرر وأبلغه المتهم الرابع عشر.... مدير التسويق بشركة.... للخدمات البترولية أن المتهم الأول " الطاعن " هو الذى أوقف صرف تلك المستحقات وقد طلب منه بصفته المذكورة الحصول من المتهم السادس على مبلغ.... جنيه شهريًا على سبيل الرشوة نظير أداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها هو اعتماد فواتير المستحقات المالية وصرفها والانتظام فى صرف ما يستجد منها وتذليل أية عقبات تعترض تنفيذ شركة المتهم السادس للعقد، فوافق هذا الأخير على طلبات المتهم الأول " الطاعن " وبدأ المتهم الثانى عشر.... المدير المالى بشركة المتهم السادس وبعد أن أطلعه هذا الأخير على تفصيلات الاتفاق فى تسليم هذا المبلغ شهريًا اعتبارًا من يوم.... للمتهم الرابع عشر.... والذى يسلمه بدوره للمتهم "الطاعن" وهو عالم بأنه رشوة، وترتيبًا على ذلك صرف المستحقات المتأخرة والانتظام فى سداد اللاحق منها، كما وافق المتهم " الطاعن " بناء على تلك الرشوة فى يوم.... على طلب المتهم السادس تعديل بعض بنود أسعار العقد لتقديم مشروبات ساخنة للعمال وزيادة تلك الأسعار نتيجة لذلك، وأثناء فترة إجراءات تجديد العقد للعام.... حتى.... وافق المتهم " الطاعن " لمصلحة المتهم السادس وبناء على تلك الرشوة الشهرية على توحيد سعر الوجبات التى تقدم للعمالة الفنية وغير الفنية ثم طلب المتهم " الطاعن " بواسطة المتهم الرابع عشر فى ذات الفترة زيادة مبلغ الرشوة الشهرية إلى.... جنيه مقابل موافقة المتهم الأول " الطاعن " باعتباره عضوًا فى لجنة تجديد عقد المتهم المذكور وأن له الكلمة العليا فيها على تجديد العقد للعام المذكور ووافق المتهم السادس على هذا الطلب، وقد استمر المتهم الأول " الطاعن " فى الحصول على المبلغ المذكور حتى انتهاء العقد الذى زيدت الرشوة من أجله فى.... رغم تركه شركة.... للبترول وتعيينه رئيسًا لشركة.... منذ يوم.... بل وطلب المتهم الأول " الطاعن " استمرار دفع مبلغ الرشوة بعد انتهاء العقد ووافق المتهم السادس أخيرًا على ذلك وظل المتهم الأول "الطاعن" يحصل على المبلغ المذكور حتى يوم.... وبلغت جملة المبالغ التى حصل عليها.... جنيه يخصم منها مبلغ.... جنيه التى ضبطت مع المتهم الأول " الطاعن " حال القبض عليه باعتبار أن هذا المبلغ الأخير من مستحقات المتهم السادس عن شهر.... وهو الشهر التالى لنهاية هذا العقد ولا تعد رشوة فيكون مبلغ الرشوة.... جنيه، وفى منتصف عام.... طلب المتهم الأول " الطاعن " بصفته مدير عمليات شركة.... من المتهم العاشر.... مدير قطاع خدمات الآبار بشركة.... للخدمات البترولية والتى ترتبط مع شركة.... بعقد تقديم خدمات متعلقة بتنشيط وتحضير آبار بترول هذه الشركة مبلغ.... جنيه على سبيل رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو إنهاء إجراءات صرف المستحقات المالية للشركة المذكورة فأعطاه إياه المتهم العاشر من الميزانية المخصصة لإدارته 00، وإبان شغل المتهم الأول " الطاعن " منصب مدير عام العمليات بشركة..... للبترول كانت شركة.... للنقل التى يرأس مجلس إدارتها المتهم السابع.... متعاقدة مع الشركة المذكورة منذ عام.... وحتى عام.... على توريد ونقل المياه والزيت فى غضون عام.... طلب المتهم الأول " الطاعن "بصفته المذكورة من المتهم السابع مبالغ مالية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بزعم علاج زوجته هو إنجاز مستحقاته المالية لدى شركة.... فأعطاه مبلغ.... جنيه إلا أن المتهم المذكور ظل يلاحقه بطلب مبالغ مالية على سبيل الرشوة من وقت لآخر متذرعًا بأسباب مختلفة سترًا للغرض الحقيقى من هذه المبالغ فأخذ يعطيه هو أو ولده المتهم الثامن.... على سبيل الرشوة مبالغ ما بين.... جنيه كل شهر وقد استمر المتهم الأول يطلب من المتهم السابع مبالغ مالية ويأخذها على سبيل الرشوة حتى بعد نقله فى عام.... إلى شركة.... رئيسًا لمجلس إدارتها وذلك مقابل إشراك شركته فى المناقصات التى تطرحها وتقدم المتهم السابع إلى ثلاث مناقصات أعلنت عنها شركة.... رست إحداها فقط عليه مناصفة مع آخر تتعلق بتوريد مياه لمنطقة....، وكان المتهم الأول " الطاعن " قد دعا المتهم السابع للتقدم فى المناقصات المذكورة حتى يظل على علاقة به تسمح له بطلب وأخذ الرشوة منه وبلغت جملة المبالغ التى أخذها المتهم الأول " الطاعن " من المتهمين السابع والثامن.... جنيه، ولدى تولى المتهم الأول " الطاعن " رئاسة مجلس إدارة شركة.... أخبر المتهم " الطاعن " المتهم العاشر.... بأن الشركة طرحت مناقصة تتعلق بإحدى الخدمات التى تقدمها شركة المتهم العاشر لشركات البترول للصيانة وأعمال السلك وعدادات الذاكرة وعرض عليه المتهم الأول " الطاعن " بصفته مساعدته فى إسناد تلك المناقصة إلى شركته إخلالاً بواجبات وظيفته وذلك لقاء مبلغ مالى على سبيل الرشوة، وإذ تم إسنادها لشركته فعلاً سلمة المتهم العاشر استجابة لطلبه مبلغ.... جنيه من الميزانية المخصصة لإدارته وذلك فى نهاية شهر....، وطلب المتهم الأول " الطاعن " من المتهم العاشر أن يبلغ المتهم الحادى عشر.... مدير شركة.... للكيماويات طلبه بصفته رئيس مجلس إدارة شركة.... مبالغ مالية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها هو إصدار خطاب إسناد مناقصة توريد بعض المواد الكيماوية إلى هذه الشركة دون اتباع الإجراءات المقررة فأبلغ المتهم الحادى عشر المذكور بذلك فسلمه مبلغ.... جنيه على سبيل الرشوة للغرض المذكور وسلمه بدوره للمتهم الأول " الطاعن "....". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات قد نصت على أنه: " إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد، وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مناط تطبيق الفقرة المشار إليها تلازم عنصرين هما وحدة الغرض وعدم القابلية للتجزئة بأن تكون الجرائم المرتكبة قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال متكاملة تكون مجموعًا إجراميًا لا ينفصم، فإن تخلف أحد العنصرين سالفى البيان انتفت الوحدة الإجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بتلك الفقرة وارتد الأمر إلى القاعدة العامة فى التشريع العقابى وهى تعدد العقوبات بتعدد الجرائم وفقًا للمادتين 33، 37 من قانون العقوبات مع التقيد فى التنفيذ بالقيود المشار إليها فى ذلك القانون، ولما كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه وأيضًا على ما يسلم به الطاعن فى طعنه تشير إلى أن الجرائم التى قارفها قد وقعت على أشخاص مختلفين وفى تواريخ وأمكنة وظروف مختلفة وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه فى كل جريمة لم يكن وليد نشاط إجرامى واحد، فإن ذلك لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين تلك الجرائم، فإن الحكم إذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل منها لا يكون قد خالف القانون فى شئ، ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الشارع قد ترك للقاضى الجنائى فى المحاكمات الجنائية حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق فإن تعويل الحكم على اعتراف بعض المتهمين الراشين والوسطاء المعفين من العقاب باعترافهم، ليس فيه مخالفة للقانون، وينحل نعى الطاعن فى هذا الصدد إلى جدل فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ولا ينال من ذلك منعى الطاعن بإعمال مبادئ الشريعة الإسلامية، ذلك أن ما نص عليه الدستور فى المادة الثانية منه من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ليس واجب الإعمال بذاته وإنما هو دعوة للشارع كى يتخذ الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا فيما يستنه من قوانين، ومن ثم فإن أحكام الشريعة لا تكون واجبة التطبيق بالتعويل على نص الدستور المشار إليه إلا إذا استجاب الشارع لدعوته وأفرغ هذه الأحكام فى نصوص تشريعية محددة ومنضبطة تنقلها إلى مجال العمل والتنفيذ، هذا فضلاً عن أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أن اعتراف هؤلاء المتهمين قد صدر عن إغراء بالإعفاء من العقاب، فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ويكون ما يثيره فى هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد نصت على: " أن كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيًا "، وكان من المقرر أنه ليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب أداؤها داخلة فى نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد اتجر معه على هذا الأساس، كما لا يشترط أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى حصل على الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت فى الأوراق، وكان من المقرر كذلك أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء أكان العمل الذى يدفع الجعل لتنفيذه حقًا أو غير حق ولا يستطيعه الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون، لأن تنفيذ الغرض من الرشوة بالفعل ليس ركنًا فى الجريمة ولأن الشارع سوى فى نطاق جريمة الرشوة بما استند فى نصوصه التى استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التى تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها، وأن الشارع قد رأى أن الموظف لا يقل استحقاقًا للعقاب حين يتجر فى أعمال الوظيفة على أساس موهوم منه حين يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تفطن إلى المعانى القانونية المتقدمة، ولم يقصر فى بيان حدود اختصاص الطاعن ونوع العمل المقصود فى جريمة الرشوة على ما سلف بسطة فى واقعة الدعوى كما اطرح منازعة الطاعن فى هذا الخصوص فى قوله: " كذلك فإن نقل المتهم الأول من شركة.... قبل فتح المظاريف فى.... لا ينال من جدية التحريات بشأن ذلك، لأن سعيه لترسية المناقصة بشأن عقد.... على المتهم السابع كان قد باشره المتهم الأول حسبما جاء بمحضر تحريات الشاهد الأول المؤرخ.... أثناء عمله مديرًا للعمليات بشركة.... قبل نقله رئيسًا لمجلس إدارة شركة.... وقد استمر المتهم الأول فى سعيه لاستمرار معاملاته مع المتهم السابع بإشراكه فى العقود التى تطرحها شركة.... التى نقل إليها كما أن سعى المتهم الأول لترسية المناقصة على المتهم السابع كان سابقًا بالضرورة على فتح مظاريفها فى.... وتمثل هذا السعى فى وضع شروط المناقصة وتضمينها شروطًا تنطبق على المتهم السابع وتقدم هذا الأخير إليها فى الأجل المحدد ثم فتح المظاريف فى التاريخ المشار إليه 000 وحيث إنه عن المبالغ التى ادعى.... أنه دفعها إليه بعد نقله من شركة.... فإن المتهم الأول ظل يتقاضى مبلغ الرشوة الشهرى وقدره.... جنيه بعد نقله من شركة.... باعتبار أن هذه الرشوة الشهرية كانت مقابل مساهمته فى تجديد العقد والتى استمر دفعها طوال مدة هذا العقد وحتى انتهائه فى.... شهر.... سنة.... "، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم يتحقق به قدر من الاختصاص يسمح للطاعن بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة، وهو ما يستقيم به الرد على دفاع الطاعن، فإن ما ينعاه على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون قويمًا. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة.... أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب من المحكمة الاطلاع على المستندات التى قدمتها النيابة بهذه الجلسة وأثبتت بمحضرها، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه هو منها ولم تر هى من جانبها حاجة لإجرائه، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد، وفضلاً عن ذلك، فإنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانة الطاعن على أى من المستندات التى قدمتها النيابة العامة عند مرافعتها بجلسة.... فإنه لا يجدى الطاعن ما يدعيه فى هذا الشأن، ويكون غير منتج النعى على الحكم فى الرد على طلبه التأجيل للاطلاع على مرافعة النيابة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون برمته على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: وحيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثانى.... :
أ - فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمذكرات أسباب طعنه الأربع أنه إذ دانه بجرائم الارتشاء قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والبطلان والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه جاء مجملاً فى بيانه لواقعة الدعوى ومجهلاً للأدلة التى أقام عليها قضاءه ولم يستظهر أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها واجتزأ من أقوال شهود الإثبات الوقائع التى تدل على حسن نية الطاعن وتنفى عنه ارتكاب الجريمة وسرد هذه الأقوال كما هى واردة بقائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، وأحال فى بيان شهادة.... إلى ما حصله من أقوال.... دون أن يورد مضمون شهادته، ولم تشر المحكمة فى حكمها إلى ما أسفر عنه إطلاعها على المستندات المحرزة فى الدعوى ولم تورد بياناتها خاصة وقد تمسك الدفاع بدلالتها على انتفاء أركان الجريمة، واعتنق الحكم صورة للواقعة تخالف الواقع ولا تتأدى من التسجيلات التى خلت مما يدل على أن الطاعن طلب الرشوة، ولا من أقوال شهود الإثبات التى أخرجها الحكم عن مدلولها وعول عليها رغم تناقضها وعدم كفايتها لإدانته، وعول على أقوال المتهمين السادس والسابع والثامن والتاسع والثانى عشر رغم عدم صلاحيتها لذلك وصدورها مجملة فى مجلس القضاء وعلى خلاف الواقع للاستفادة من الإعفاء المقرر فى القانون ولما وقع عليهم من إكراه نتيجة احتجازهم بمبنى الرقابة الإدارية، فضلاً عما شابها من تضارب لم تعن المحكمة برفعه وتناقض فيما بينها وبين ماديات الدعوى والتسجيلات والتفت الحكم عما أثاره الدفاع عن الطاعن فى هذا الشأن، كما تساند الحكم إلى تحريات عضو الرقابة الإدارية وهى لا تصلح دليلاً على إدانته ورغم أن الضابط أمسك بغير مبرر عن الكشف عن مصدرها وعول الحكم على ما ورد بشريط التسجيل دون بيان نص العبارات التى استخلصت منها المحكمة حصول الاتفاق الذى تم بمقتضاه استلام مبالغ الرشوة ودون استماع المحكمة إليها فى حضور الطاعن، هذا وقد دفع ببطلان إذن التسجيل لصدوره من نيابة أمن الدولة العليا وليس من القاضى الجزئى ولابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة، كما دفع ببطلان تسجيل المحادثات لأنها لم تتم تحت إشراف عضو الرقابة الإدارية المأذون له بالتسجيل والذى لم يحرر محضرًا موقعًا عليه شاملاً لجميع الإجراءات التى قام بها تطبيقًا لنص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أن الحكم أعرض عن بعض تلك الدفوع واطرح باقيها بغير ما يسوغ به اطراحها، وأغفل إيراد البيانات الدالة على استيفاء الأذون الصادرة فى الدعوى لشرائطها القانونية، ولم يدلل على توافر صفة الموظف العام ومدى اختصاصه بالعمل الوظيفى المتعلق بالرشوة، وقام دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات على عدم توافر أركان الجريمة وأن الواقعة ليس فيها معنى الاتجار بالوظيفة إلا أن الحكم اطرح مناحى هذا الدفاع برد قاصر وتناقض حين أورد ضمنًا فى موضع منه أن ما قام من عمل وظيفى كان مشروعًا ثم عاد ودانه عن الإخلال بواجبات الوظيفة، ولم تعرض المحكمة لباقى أوجه الدفاع التى أبداها الدفاع، كما عدلت وصف التهمة بالمخالفة لنص المادة 30 من قانون العقوبات ودون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل، وسمعت النيابة العامة بعد مرافعة الدفاع عن الطاعن، ولم تعن بترجمة ما حوته أوراق الدعوى من كلمات محررة بلغة أجنبية ورغم قيام الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الوقائع المسندة إلى الطاعن إلا أن الحكم أوقع عليه عقوبة مستقلة عن كل منها، وجاوز فى مقدار الغرامة المقضى بها حدها الأقصى دون بيان سعر الدولار الذى اتخذه أساسًا لاحتساب بعضها، وأخيرًا فقد خلا الحكم من بيان مقدار المصاريف الجنائية التى حكم بها على الطاعن، كما نعى الطاعن بجلسة.... أمام هذه المحكمة محكمة النقض بعد فوات مواعيد الطعن بعدم صلاحية السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه وذلك لسبق إصداره قرار بتأييد أمر النائب العام بمنع الطاعن من التصرف فى أمواله، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ب - وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بالنسبة " للطاعن " فى قوله أنها: " تتحصل فى أنه إبان رئاسة المتهم الطاعن مجلس إدارة شركة.... التى تساهم الدولة فى مالها بنصيب وذلك فى الفترة من سنة.... وحتى سنة.... وأثناء سريان عقدها مع شركة.... والوكيلة أيضًا عن شركتى.... و.... على تقديم بعض خدمات وتوريد مهمات، طلب المتهم المذكور وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم التاسع.... صاحب شركة.... مبالغ مالية بلغت.... دولار أمريكى على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو إسناد وتجديد عقود خدمات وتوريد مهمات لشركة.... ووكيلتيها المذكورتين وتسهيل أعمال هذه الشركات واعتماد مستنداتها وإنجاز صرف مستحقاتها لدى شركته على النحو المبين بالتحقيقات، وعندما تولى المتهم الطاعن رئاسة شركة.... للبترول والتى كانت متعاقدة مع شركة المتهم التاسع سالف الذكر لتوريد وتشغيل بعض معدات الحفر طلب المتهم " الطاعن " وأخذ منه مبالغ مالية على سبيل الرشوة وذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته وهو تسهيل أعمال شركته وإنجاز صرف مستحقاتها المالية لدى شركة.... دون تأخير وكذلك حصول المتهم التاسع على معلومات تفيده باعتباره وكيلاً عن شركتى.... و.... وراح هذا الأخير يعطيه كلما طلب مبالغ يحددها المتهم التاسع على سبيل الرشوة متعمدًا جعلها غير منتظمة وقد بلغ مقدارها.... دولار أمريكى، وإبان رئاسة المتهم " الطاعن " لشركة بترول.... سالفة الذكر طلب وأخذ على سبيل الرشوة بواسطة المتهمين التاسع.... والثانى عشر.... من المتهم السادس صاحب شركة.... للخدمات البترولية مبلغ مالى شهرى عبارة عن نسبة 2,5% من قيمة العقد المبرم بين هذا الأخير والشركة التى يرأسها المتهم " الطاعن " ثم زادت النسبة بناء على طلب المتهم إلى 4% بواقع.... دولار تقريبًا كل ثلاثة أشهر، وذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته والامتناع عن عمل من أعمالها والإخلال بواجباتها هو موافقته على تجديد العقد المذكور سنويًا خلال الأعوام....،....،.... وعدم طرحه فى مناقصة وزيادة قيمته بمناسبة التجديد وتقديم التسهيلات اللازمة فى التنفيذ وإنجاز صرف المستحقات المالية لشركة المتهم السادس على النحو المبين بالتحقيقات ووافق هذا الأخير على تلبية الطلب وكلف المتهم الثانى عشر.... المدير المالى لديه بعد أن أبلغه بتفاصيل هذه الواقعة بتجهيز هذا المبلغ وكان هذا الأخير المتهم السادس يسلمه بنفسه أو بواسطة المتهم الثانى عشر المذكور للمتهم التاسع ليسلمه بدوره للمتهم " الطاعن " كل ثلاثة أشهر، وقد بلغت جملة هذه المبالغ .... دولار أمريكى ، ولدى تعيين المتهم الطاعن رئيسًا لمجلس إدارة شركة.... للبترول فى بداية عام.... وأثناء سريان العقد المبرم بين هذه الشركة وشركة.... للخدمات البترولية المملوكة للمتهم السادس.... طلب منه المذكور وبصفته المذكورة بواسطة المتهم التاسع.... مبلغ مالى على سبيل الرشوة نظير أداء عمل من أعمال وظيفته والامتناع عن عمل من أعمالها والإخلال بواجباتها هو موافقته على تجديد ذلك العقد وزيادة أسعاره خلال عامى....،.... وعدم طرح محل ذلك العقد فى مناقصة وإنجاز صرف المستحقات المالية، ووافق المتهم السادس على ذلك الطلب وأبلغ به المتهم الثانى عشر.... وكلفه بتقديم مبلغ.... جنيه تقريبًا شهريًا بواقع 1,5% من قيمة المستحقات وذلك للمتهم التاسع.... ليسلمه للمتهم الطاعن وبلغت جملة المبالغ التى تقاضاها المتهم " الطاعن " على سبيل الرشوة.... جنيه وبصفة المتهم الطاعن رئيسًا لشركة.... للبترول، وأثناء سريان العقد المبرم بين المتهم السابع.... رئيس مجلس إدارة شركة.... وشركة.... لتوريد ونقل المياه والزيت من وإلى مناطق الإنتاج طلب وأخذ من هذا الأخير مبلغ.... جنيه شهريًا على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو إنجاز صرف مستحقات هذا المتهم المالية عن عمليات النقل والتوريد المذكورة، وصرف المبالغ الخاصة بتغذية سائقيه والسابق خصمها دون حق وتقدر بحوالى.... جنيه وكذلك للإخلال بواجبات وظيفته بإسناد مناقصة عامى....،.... لهذا المتهم ثم طلب المتهم الطاعن زيادة مبلغ الرشوة الشهرى إلى.... جنيه إثر هذا الإسناد وتم الاتفاق بينهما على تخفيضه إلى مبلغ.... جنيه شهريًا أخذه المتهم الطاعن عن شهرى.... و.... سنة.... وقد بلغت جملة ما تلقاه المتهم الطاعن من المتهمين السابع والثامن مبلغ.... جنيه.... "، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين السادس والسابع والثامن والتاسع والثانى عشر والتى تعززت بما أجرى من تسجيلات صوتية أجريت مع المتهمين وما قرره الطاعن بتحقيقات النيابة العامة، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، بل يكفى أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافيًا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بمقتضى المادتين 103، 104 من قانون العقوبات على ما هى محددة فى القانون، كما أورد مؤدى أدلة الإثبات التى عول عليها فى إدانة الطاعن فى بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت فى وجدانها، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بدعوى القصور فى التسبيب، ولا يعيب الحكم إغفاله إيراد الوقائع التى ذكرها شهود الإثبات وأشار إليها الطاعن فى أسباب طعنه وتمسك بدلالها على حسن نيته وانتفاء الجريمة فى حقه، لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها فى سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها، لما هو مقرر أيضًا من أن المحكمة لا تلتزم فى أصول الاستدلال إلا بالتحدث عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها، وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنًا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها. لما كان ذلك، وكان لا يوجد فى القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد فى حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح فى ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة وهو الحال فى الدعوى الراهنة فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد بفرض صحته يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الواقعة، فلا بأس على الحكم إن هو أحال فى بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفاديًا من التكرار الذى لا موجب له، ومن ثم فان النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحكمة فى.... أن المحكمة فضت الإحراز المحتوية على المستندات المقدمة فى الدعوى وفى حضور الطاعن والمدافع عنه ومن ثم فإنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات ومضمون تلك المستندات فى صلب الحكم بعد أن ثبت أنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة فى حضور الخصوم وكان فى مكنة الدفاع الاطلاع عليها وإبداء ما يعن له بشأنها فى مرافعته، ويكون النعى على الحكم فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق فى أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها، ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، ولها أن تحصلها وتفهم سياقها وتستشف مراميها، ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها، ولا يشترط فى شهادة الشهود وأن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم مع ما قاله الشهود بالقدر الذى رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، بل إن تناقض أحد الشهود أو تضاربه فى أقواله بفرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته، ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوال الشهود استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه وهو الحال فى الدعوى المطروحة وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التى شهدوا بها، فإن ما يثيره الطاعن حول تصوير المحكمة للواقعة أو فى تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، وفى الأخذ باعتراف متهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، ولها دون غيرها البت فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها فى ذلك، ولما كان من المقرر أن أقوال متهم على متهم آخر هو فى حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها فى الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها، وأن تناقض الشهود أو تضاربهم فى أقوالهم بفرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا لا تناقض فيه كما هو الحال فى الطعن الماثل وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المتهمين السادس والسابع والثامن والتاسع والثانى عشر بتحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة وأنها صدرت منهم عن إدارة حرة دون إكراه وعولت عليها فى قضائها بالإدانة، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال المتهمين مع التسجيلات وماديات الدعوى يكون غير مقبول، طالما لم يكشف عن وجه التناقض الذى يقول به وماهية تلك الماديات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائى عن مصدرها أو عن وسيلته فى التحرى، وإذ كانت الأدلة والقرائن التى أوردها الحكم من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التى دين بها، فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً فى واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وخلافًا لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه قد أورد مضمون التسجيلات التى عول عليها فى قضائه، كما أن شهادة.... عضو الرقابة الإدارية قد تضمنت فحوى هذه جالتسجيلات التى استمع إليها على الصورة التى أوردها الحكم، وكان المدافع عن الطاعن على ما يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة لم يثر شيئًا عما نقله الشاهد عن التسجيل أو يطلب من المحكمة إعادة سماعه، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل، إذ ليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها، ولا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة الذى ظل معمولاً به حتى.... كانت تنص على أنه: " ويكون للنيابة العامة بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها سلطات قاضى التحقيق فى الجنايات التى تختص بها محكمة أمن الدولة العليا "، كما نصت المادة الثالثة من القانون ذاته على أنه: "تختص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها فى الأبواب الأول والثانى مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات "، أيضًا فقد نصت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: " لقاضى التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت فى مكان خاص متى كان لذلك فائدة فى ظهور الحقيقة فى جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر "، ومفاد النصوص المتقدمة أن القانون كان قد خول النيابة العامة سلطات قاضى التحقيق فى أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات فى الجنايات التى كانت تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جنايات الرشوة موضوع الدعوى الجنائية الماثلة. لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم واطرح به الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لصدوره عن النيابة العامة يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت هذه المحكمة على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه قد اقتنعت بجدية التحريات التى بنى عليها أمر التسجيل وإذن الضبط وكفايتها لتسويغ إصداره، فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ويكون النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن إذن التفتيش صدر عن جريمة مستقبلة، ومن ثم فإن لا وجه للنعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع أمسك عن إبدائه الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التسجيلات واطرحه فى قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع بأن من قام بإجراءات التسجيل للمحادثات ليس من مأمورى الضبط القضائى فإنه غير سديد إذ تضمن إذن النيابة العامة المؤرخ.... الإذن لأى من مأمورى الضبط القضائى بهيئة الرقابة الإدارية ومن يعاونهم فنيًا فى تسجيل وتصوير اللقاءات ومن المقرر أن للمأذون بالتسجيل والتصوير والتفتيش أن يستعين بغيره ولو لم يكن من مأمورى الضبط القضائى على أن تكون الاستعانة بهم تحت سمع وبصر وإشراف مأمور الضبط القضائى المأذون له باتخاذ تلك الإجراءات، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الدفع "، وهو من الحكم رد كاف وسائغ، لما هو مقرر من أن طريقة تنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة موكولة إلى عضو الرقابة الإدارية المأذون له بإجراء تسجيل المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية والتصوير يجريها تحت رقابة محكمة الموضوع، فله أن يستعين فى تنفيذ ذلك بالفنيين ورجال الضبط القضائى وغيرهم بحيث يكونون تحت إشرافه وهو ما يسلم به الطاعن فى وجه الطعن ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 24/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لم ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكامها، مما يجعل الأمر فيها راجعًا إلى تقدير محكمة الموضوع بسلامة الإجراءات التى اتخذها مأمور الضبط القضائى، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات والإذن وساعة صدوره من النيابة العامة ووقت الضبط والتفتيش، طالما أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئًا فى خصوصها، ومن ثم فإن ما ينعاه فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته ما نصه: "ومن نافلة القول أن المتهم الطاعن بصفته رئيسًا لمجلس إدارة كل من شركة.... للبترول وشركة بترول.... التى تساهم الدولة ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للبترول فى كل منها بنصيب قدره 50% من رأسمالها يعد موظفًا عامًا تطبيقًا للمادة 111/ 6 من قانون العقوبات "، وهذا الذى خلص إليه الحكم صحيح فى القانون، فقد رأى المشرع اعتبار أعضاء مجالس إدارة ومديرى ومستخدمى المؤسسات والشركات والجمعيات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت فى حكم الموظفين العموميين حين نص فى الفقرة السادسة من المادة 111/ 6 من قانون العقوبات على أن: " يعد فى حكم الموظفين فى تطبيق نصوص هذا الفصل...... 6 أعضاء مجالس الإدارة ومدير ومستخدموا المؤسسات والشركات والجمعيات...... إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت "، وهو ما يوفر فى حق الطاعن أنه فى حكم الموظفين العامين فى مجال جريمة الرشوة، ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الخصوص يكون ظاهر الفساد ولا سند له من القانون. لما كان ذلك، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب، ما دام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أصل ثابت فى الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الدفاع من عدم اختصاص الطاعن بالعمل موضوع الرشوة: " أن الطاعن كان رئيسًا لمجلس إدارة شركة بترول.... ثم رئيسًا لمجلس إدارة شركة.... للبترول وذلك أثناء ارتكابه جرائم الرشوة المسندة إليه ولا شك أنه حسبما قرر الشاهد الثانى.... أنه فضلاً عن اختصاصه بتوقيع عقود الشركة وتجديداتها مع المقاولين وإلغائها فهو صاحب السلطة العليا فى الإشراف على كل أعمال الشركة فى علاقتها مع هؤلاء المقاولين ويملك التدخل فى أى منها لإنجازه أو تعطيله أو متابعته وبالنسبة لصرف المستحقات فهو يملك التدخل والتوجيه بما يراه فى هذا الشأن متى شكا إليه أى من المقاولين أصحاب تلك المستحقات شفويًا أو كتابة، ومن ثم فإنه يكون مختصًا بالأعمال التى نسب إليه القيام بها وطلب وأخذ الرشوة من أجلها ويتعين لذلك الالتفات عن هذا الدفع "، وإذ كان من المقرر أنه لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف الذى طلب وأخذ هذه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتعلق بالرشوة، بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة كما هو الحال فى الدعوى المطروحة وبما يستقيم به الرد على دفاع الطاعن فى هذا الصدد، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباتها وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التى صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجباته، وكان الحكم قد دلل على أن العطايا قدمت للطاعن تنفيذًا لاتفاقه مع المتهمين الراشين بما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائى كما هو معرف به فى القانون ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال، ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافره، ويكون منعى الطاعن بعدم توافره وأركان الجريمة غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من أن الواقعة ليس فيها معنى الاتجار بالوظيفة وأنها لو صحت تشكل جريمة التربح ورد عليه فى قوله: " أنه مردود عليه من ناحيتين فمن ناحية أولى من المقرر أن العمل الوظيفى المتمثل فى الفعل أو الامتناع أوالإخلال بواجبات الوظيفة الذى يعرضه الموظف هو مقابل أو سبب الرشوة، ولذلك فبينهما صلة مقايضة يتحقق بهما معنى الاتجار الذى تفترضه الرشوة، ومن الناحية المعنوية تقوم الصلة بينهما واضحة فالغرض الذى يستهدفه صاحب الحاجة هو ذلك العمل الذى له فيه مصلحة وهذه الصلة قائمة أيضًا فى ذهن الموظف المرتشى وهى محل قبوله حال ارتكابه الركن المادى فى جريمة الرشوة المتمثل فى الطلب أو القبول أو الأخذ للعطية وقد توافرت صلة المقايضة المذكورة فى هذه الوقائع المنسوبة للمتهمين، فالمتهم " الطاعن " حال طلبه أو أخذه الأموال سالفة البيان مختص بالعمل المتمثل فى الفعل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وفى ذهنه هذه المقايضة وهى محل قبوله ولو أن صاحب الحاجة لم يجبه إلى طلبه لتعذر عليه اقتضاء حاجته وهذه الصلة فى ذهن باقى المتهمين الراشين أو الوسطاء فى الرشوة أيضًا فالعمل الوظيفى الذى يختص به المتهم "الطاعن" هو ما يريده كل منهم، ولا يغير من ذلك أن المتهم المذكور لم يذكر صراحة حالة طلبه وأخذه الأموال من بعض المتهمين أنها مقابل قيامه بالعمل الوظيفى بل وحتى مع ادعائه بحاجته إلى المال لسبب ما بخلاف أداء العمل الوظيفى فليس ذلك سوى دهاء منه لإخفاء ارتشائه 00000"، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى رده على دفاع الطاعن أن جريمة الرشوة التى دان الطاعن بها هى التى تنطبق على واقعة الدعوى، وكان ما أورده فيما تقدم كافيًا وسائغًا ويستقيم به التدليل على ثبوت القصد الجنائى فى حق الطاعن وتوافر علمه بالسبب الذى من أجله تسلم ما قدم له من مال، فإن ما يثيره فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى مسألة تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب، ما دامت تقيمها على ما ينتجها، ويكون النعى على الحكم فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر
ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان لا تعارض بين ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من ثبوت الجرائم المسندة إلى الطاعن للأسباب السائغة التى أوردها وبين ما أورده فى مقام الرد على دفاعه من أن جريمة الرشوة تقوم ولو كان العمل المتصل بالرشوة مشروعًا، فإن النعى على الحكم بتناقض أسبابه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التى ساقها أمام المحكمة ولم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، و كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة مطروحة بالجلسة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة ولم تجر المحكمة تعديلاً فى وصف التهمة، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت أن يكون المتهم آخر من يتكلم، فإن الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن بعد أن أبدى محاميه دفاعه قد سمعت المحكمة مرافعة للنيابة العامة، إلا أن ذلك لا يبطل المحاكمة ما دام الطاعن لا يدعى فى طعنه أنه طلب من المحكمة أن تسمعه بعد مرافعة النيابة فرفضت ذلك، مما يعتبر أنه قد تنازل عن حقه فى أن يكون آخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله فى ختام المحاكمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص بدعوى البطلان أو الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب الاستعانة بخبير لترجمة الكلمات التى ينعى على المحكمة عدم ترجمتها، فلا يكون له النعى على محكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب ولم تر هى حاجة لإجرائه، إزاء ما هو ثابت من مدونات الحكم أنه لم يعرض فى قضائه لأى من تلك الكلمات الأجنبية مما يدل على أنها لم تكن لازمة للفصل فى الدعوى. لما كان ذلك، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه تشير إلى أن وقائع الرشوة التى قارفها الطاعن قد وقعت على أشخاص مختلفة وفى تواريخ وأماكن وظروف مختلفة، وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه فى كل جريمة لم يكن وليد نشاط اجرامى واحد ولا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجرائم التى دين بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع عليه عقوبة مستقلة عن كل من هذه الجرائم فلا يكون قد خالف القانون فى شئ. لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم المطعون فيه أنه لم يقض بغرامة تجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه فى المادتين 103، 104 من قانون العقوبات اللتين أنزل بموجبهما العقاب على الطاعن، فإن الحكم يكون بريئًا من قالة الخطأ فى تطبيق القانون، ويغدو غير منتج النعى عليه فى خصوص هذا الطعن بالقصور لعدم بيان ما يقابل مبلغ الرشوة بالجنيه المصرى، فضلاً عن أن سعر الدولار من المعارف العامة التى لا تحتاج إلى خبرة فنية خاصة. لما كان ذلك، وكان وجوب تحديد مقدار المصاريف فى الحكم طبقًا لنص المادة 318 من قانون الإجراءات الجنائية إنما يقتصر فقط على حالة الحكم على المتهم ببعضها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حكم على الطاعن بكل المصاريف الجنائية، فإن النعى عليه إغفاله بيان مقدارها يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة النقض لا تتصل بالحكم المطعون فيه إلا من الوجوه التى بنى عليها الطعن والتى حصل تقديمها فى الميعاد، وذلك ما لم تثر أسباب متعلقة بالنظام العام حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فيجوز عندئذ للطاعن أن يتمسك بها لأول مرة أمامها، بل أنه يجوز للمحكمة أن تأخذ بها من تلقاء نفسها لصالح المتهم، غير أنه يشترط لذلك أن تكون مقوماتها واضحة فى مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعى، لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه وعناصره قد خليا مما يظاهر منعى الطاعن بعدم صلاحية السيد رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لسبق إصداره قرار بمنع الطاعن من التصرف فى أمواله، فإن ما ينعاه يكون غير قويم، لما يتطلبه من تحقيق موضوعى يخرج عن وظيفة هذه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين القضاء برفضه موضوعًا.
ثالثًا: وحيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث....:
أ - فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة للقيام بعمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباتها قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب الفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه دان الطاعن مع أن التسجيلات لم تشمله ولم يضبط والجريمة متلبس بها ورغم نفى شهود الإثبات علمهم بواقعة الرشوة، وعول على أقوال المتهمين السادس والثانى عشر والثالث عشر رغم أن أحدًا لم يؤيدها، فضلاً عن تناقضها فى شأن مبلغ الرشوة وكذبها وصدورها عنهم ابتغاء الاستفادة من الإعفاء القانونى، كما أن ما تساند إليه الحكم من أقوال الشهود يخالف الثابت بأوراق الدعوى، هذا إلى عدم بيانه لمصدر تلك الأقوال، وأخيرًا فقد تناقض الحكم حين ذهب فى موضع منه إلى أن الطاعن كان يؤدى فريضة الحج إبان عمل لجنة البت فى التعاقد ثم عاد ودانه عن الرشوة لقاء ترسية العطاء على شركة المتهم السادس، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ب - وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة لا يجادل الطاعن فى أن لها معينها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التى قيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه، كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحًا دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التى عول عليها الحكم المطعون فيه فى إدانته عن الجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فى العناصر التى استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها، مما لا يقبل معاودة القصد له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، وفى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلها أن تأخذ به بغير معقب عليها فى ذلك، ولما كان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هى فى حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها فى الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المتهمين السادس والثانى عشر والثالث عشر وعولت على تلك الأقوال فى قضائها بالإدانة، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون قويمًا، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب، تحديدًا للطعن وتعريفًا بوجهه منذ افتتاح الخصومة بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم، وإذ كان الطاعن قد أرسل القول دون أن يكشف عن موطن مخالفة الحكم فيما أورده من أقوال للثابت بالأوراق، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما استند إليه الحكم من وقائع وقرائن له أصل فى الأوراق، وكان لا يوجد فى القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون لا أساس له. لما كان ذلك، وكان التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، أما النعى على الحكم بالتناقض تأسيسًا على أنه أورد فى شق منه أن الطاعن كان يؤدى فريضة الحج إبان انعقاد أعمال لجنة البت ثم إدانته بجريمة الارتشاء مقابل الإسهام فى ترسية العطاء على شركة المتهم السادس، فمردود بما هو مبين من مدونات الحكم من أنه انتهى إلى الإدانة بناء على يقين ثبت لديه من أن الطاعن هو الذى سعى بنفسه إلى المتهم السادس فى شركته طلبًا للرشوة، وما كان إيراد الحكم لواقعة سفر الطاعن إلا بمناسبة الرد على دفاعه الموضوعى افتراضًا من الحكم لصحته ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
رابعًا: وحيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الرابع....:
أ - فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وأخطأ فى الإسناد وتناقض، ذلك أنه صيغ فى عبارات عامة مجملة خلت من بيان كيفية ارتكاب الواقعة وماهية الإخلال بواجبات الوظيفة، ولم يستظهر اختصاص الطاعن فى العمل المتصل بالرشوة على الرغم من دفاعه المؤيد بالمستندات فى هذا الخصوص، وعول فى قضائه على ما جاء بالتسجيلات دون إيراد مضمون ومؤدى الدليل المستمد منها، لا سيما وأن الطاعن دفع ببطلان هذه التسجيلات لأن يد العبث قد امتدت إليها ولكون الإذن الصادر من النيابة العامة لا يتسع لإجرائها بيد أن الحكم أعرض عن جانب من هذا الدفع واطرح باقيه بما لا يتفق وصحيح القانون، وأورد فى أقوال المتهم الخامس عشر على خلاف الثابت بالأوراق أن الطاعن طلب منه أن يستفسر من المتهم الرابع عشر عن سبب تأخير تقديم مبلغ الرشوة، وأخيرًا فقد تناقض الحكم بين ما أورده فى مدوناته بشأن تحديد مكان الواقعة والفترة التى استغرقتها وبين ما انتهى إليه فى هذا الشأن عند بيان وصف التهمة المسندة إلى المتهمين، ذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ب - وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بيانًا لواقعة الدعوى بالنسبة للطاعن أن: " المتهم الرابع عشر.... مدير التسويق بشركة.... للخدمات البترولية أبلغ المتهم التاسع.... رئيس الشركة المذكورة أن المتهم الطاعن مدير إدارة تكنولوجيا الإنتاج بشركة.... للبترول التى تساهم الهيئة المصرية العامة للبترول فى مالها بنصيب طلب من المتهم السادس عشر.... مدير تنمية وتطوير الأعمال بشركة.... مبلغ.... جنيه شهريًا لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وذلك لتسهيل تنفيذ أعمال شركة.... التى تمثلها شركة.... للخدمات البترولية بموجب العقد المبرم بينها وبين شركة.... للبترول والموافقة على تجديد العقود المبرمة بين الشركتين فوافق المتهم التاسع على ذلك وكان المتهم الرابع عشر المذكور يتسلم مبلغ الرشوة شهريًا ويسلمه للمتهم الرابع بمقر شركة.... الذى كان يعمل به، وعندما لاحظ المتهم الخامس عشر.... المهندس بشركة.... عدم تنفيذ المتهم الطاعن توصيات شركة.... حتى توقفت أعمالها وتوقف بالتالى صرف أية مستحقات لها تقابل مع هذا الأخير الذى أبلغه أن المتهم الرابع عشر تأخر فى تقديم مبلغ الرشوة الشهرى إليه فهاتفه المتهم الخامس وألح عليه بسرعة تقديم المبلغ المذكور، ولما سلمه إياه لاحظ أن المتهم الطاعن حال انعقاد لجنة المفاوضة يؤيد طلبات شركة.... بشأن تجديد عقد من العقود المبرمة بينهما وبين شركة.... وبذات شروطه وقد بلغ مقدار ما تلقاه المتهم الطاعن فى عامين على سبيل الرشوة مبلغ.... جنيه "، ثم دلل الحكم على هذه الواقعة بما أورده من الأدلة التى تنتجها.
لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلمامًا شاملاً ويفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعى على الحكم فى هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة، بل يكفى أن يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها أن الجعل الذى حصل عليه الطاعن كان لتسهيل تنفيذ وتجديد العقد المبرم بين شركة.... وشركة.... للبترول وبذات الشروط كما أثبت علاقة الطاعن بالعمل المتصل بالرشوة بما أورده من أنه بصفته مدير إدارة تكنولوجيا الإنتاج بشركة.... للبترول يشرف على تنفيذ العقود المبرمة بين شركته والشركات المتعاقدة معها ويمثل الشركة فى لجان التفاوض على تجديد هذه العقود، وهو ما لا يمارى فيه الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم فإن ما ينعاه فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه وخلافًا لما يذهب إليه الطاعن بأسباب الطعن قد أورد مضمون التسجيلات التى عول عليها فى قضائه، فإن هذا حسبه كى ما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص التسجيلات بكل فحواها، ومن ثم تنتفى من الحكم دعوى القصور فى هذا المقام. وفضلاً عن ذلك، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وإنما استندت إليه كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات وببطلانها وقصور الحكم فى الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم، هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها، وكان ما يثار فى شأن خلو أقوال المتهم الخامس عشر مما يفيد أن الطاعن طلب منه أن يستفسر من المتهم الرابع عشر عن سبب تأخير تقديم مبلغ الرشوة على نحو ما حصل الحكم، فإنه ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التى اعتنقها، ولا أثر له فى منطق الحكم واستدلاله على طلب الطاعن للرشوة وأخذها فى مقابل الإخلال بواجبات وظيفته، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ فى الإسناد غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، ولما كان ما أورده الحكم فى مدوناته عن مكان حدوث الواقعة وزمانها لا يتناقض مع ما أثبته بوصف الاتهام خاصًا بجميع المتهمين بل يندرج فيه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تناقض فى التسبيب لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فى قد رد على الدفع ببطلان إجراء التسجيلات للمحادثات الهاتفية التى تمت بين المتهم الطاعن والمتهم الرابع عشر لعدم صدور إذن من النيابة العامة بإجرائها فى قوله: " أن تنفيذ إذن النيابة المؤرخ.... قد أسفر عن ضبط محادثات بين المتهم الرابع عشر وبين كل من المتهم الطاعن والمتهم الخامس عشر فإن هذا الضبط يكون صحيحًا باعتبار أن المتهم الرابع عشر طرف فيها وهو مأذون بتسجيل محادثاته، وقد جاءت هذه المحادثات عرضًا دون أدنى سعى أو تدخل من الشاهد الأول أثناء تسجيل ما قد يتم من محادثات بين المتهم المذكور وأى من المتهمين الأول والثانى، ومن ثم تكون تلك التسجيلات وما ترتب عليها من إقرارات المتهمين الرابع عشر والخامس عشر صحيحة ويتعين لذلك رفض الدفع"، فإن هذا الرد كاف وسائغ، ويضحى منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعًا.
خامسًا: وحيث إنه بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الخامس....:
أ - فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه بطلان فى الإجراءات أثر فيه وقصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن المحامى الذى حضر معه أثناء التحقيق النهائى أمام محكمة الجنايات غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، كما أن الحكم لم يورد بيانًا بالواقعة وفق ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ولم يستظهر القصد الجنائى لدى الطاعن، وتساند إلى التسجيلات الصوتية رغم بطلانها لعدم صدور إذن قضائى بها، ومع أن الأحاديث التى تضمنتها خلت من ذكر وقائع الرشوة، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن القائم على أن اعترافات المتهمين السابع والثامن والتاسع والرابع عشر لا تعدو أقوالاً مرسلة لم تتأيد بتحريات جدية أو بضبطه أثناء تقاضيه مبلغ الرشوة، فضلاً عن أنها وليدة وعد بالإعفاء من العقاب ومتناقضة وصدرت عنهم مجملة فى مجلس القضاء بما لا يصح معه الاستناد إليها فى إدانته أو فى إعفائهم من العقاب، ونسب إليه الحكم أنه أقر بالمحادثة الهاتفية التى دارت بينه وبين المتهم السابع على خلاف الثابت بالأوراق من أنه قد التزم الإنكار فى تفسير مدلول عبارات المحادثة، وأخيرًا لم يعمل معه نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم بعقوبة واحدة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ب - وحيث إن البين من مطالعة محاضر الجلسات أمام المحكمة أن الأستاذ.... المحامى حضر مع الطاعن منذ فجر التداعى بجلسة.... وتقدم بطلباته للمحكمة، ثم أناب عنه فى الحضور محام آخر بالجلسات اللاحقة، وبجلسة المرافعة الختامية حضر المحامى الأصيل....، وفيها تناول فى دفاعه أقوال الشهود ومن استمعت المحكمة إليهم وكافة الإجراءات التى تمت فى الجلسات التى أناب فيها زميله، دون أن يطلب من المحكمة إعادة إجراء مما اتخذ، فإن المحكمة لا تكون قد أخلت بحق الطاعن فى الدفاع وينحسر البطلان عن إجراءاتها، لما هو مقرر من أن واجب المحامى يقضى عليه الاستمرار فى الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء المحاكمة فإذا تغيب المحامى باختياره لأى سبب كان عن الحضور مع المتهم أو أناب عنه محام غير مقبول أمام تلك المحكمة بفرض صحته فللمحكمة قانونًا أن تستمر فى نظر الدعوى فى غيابه، هذا فضلاً عن أن الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه وهو ما لم يأت به الطاعن. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً معينًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافيًا فى تفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كما هو الحال فى الدعوى كان ذلك محققًا لحكم القانون، ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائى فى جريمة الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشى عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل ذلك لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بالوظيفة أو استغلالها، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التى صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن المبلغ قدم للطاعن مقابل قيامه بإسناد تنفيذ أعمال الحفر للمتهم التاسع ولصرف مستحقات المتهمين السابع والثامن لدى الشركة التى يعمل بها وتناول دفاعه فى هذا الخصوص واطرحه، وهو ما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائى فى حقه، ويكون ما يثيره فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. وإذ كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التسجيلات الصوتية والإذن بصدورها، فإنه لا يقبل منه أن يثير أمر بطلانها أمام محكمة النقض، ويكون منعاه فى هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بإدانة الطاعن بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الأشرطة، وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التى أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا أو تعزيزًا للأدلة الأخرى التى اعتمد عيها فى قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسيًا على ثبوت الاتهام قبل المتهم، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التى قيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.، ولا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحًا دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها، بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التى عول عليها الحكم المطعون فيه فى إدانته عن الجريمتين المسندتين إليه لا يعد أن يكون جدلاً موضوعيًا فى العناصر التى استخلصت منها محكمة الموضوع معتقدها، مما لا يقبل معاودة التصدى له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات، وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين وفى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر مؤدى اعترافات المتهمين السابع والثامن والتاسع والرابع عشر فى التحقيقات وخلص إلى سلامة الدليل المستمد من هذه الاعترافات لما ارتآه من مطابقتها الواقع، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن الاعتراف المنسوب إلى المتهمين الآخرين قد صدر منهم نتيجة وعد بالإعفاء من العقاب، فلا يقبل منه إثارة هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، لما يتطلبه من تحقيق تنحسر عنه وظيفتها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فى شأن قضائه بإعفاء المتهمين من السادس حتى الخامس عشر من العقاب رغم انتفاء موجبه، مردود بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن، ولما كان منعى الطاعن لا يتصل بشخصه وليس له مصلحة فيه، فإن ما يثيره فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الطاعن يسلم فى أسباب طعنه بأنه قد أقر بالعبارات الواردة فى المحادثة الهاتفية التى دارت بينه وبين المتهم السابع على نحو ما أورده الحكم المطعون فيه، فإنه لا يعيبه أن الطاعن يريد لتلك العبارات معنى لم تر المحكمة مسايرته فيه، فإن ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ فى الإسناد فى هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن طلب وأخذ رشوة قدرها.... جنيه فى صورة مرتب شهرى لمدة عامين من القائمين على شركة.... الوكيلة عن شركتى.... و.... وذلك لصرف المستحقات المالية ومساواتها فى حجم الأعمال مع الشركة المنافسة وأنه أخذ من المتهمين السابع والثامن أيضًا مبلغ.... جنيه شهريًا لصرف مستحقاتهما المالية عن أعمال توريد مياه الحفر. لما كان ذلك، وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التى عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها، وكان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن لم يكن وليد نشاط إجرامى واحد، مما لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمتين اللتين دين بهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع عليه عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون فى شيء. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس ويتعين رفضه موضوعًا.