الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لدفع بعدم التنفيذ. شرطه أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء حالاً. لا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.
شرط الدفع بعدم التنفيذ أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً. فإذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام في 16 من ديسمبر سنة 1958 الدعوى رقم 1116 سنة 1958 مدني كلي المنصورة على المطعون ضدهم وطلب في صحيفتها المشهرة في 21 من الشهر المذكور (أولاً) الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6 من فبراير سنة 1958 والمتضمن بيع المطعون ضده الأول للطاعن 18 قيراطاً في المنزل المبين بالعريضة والحجرة الملحقة به بثمن قدره 260 ج (ثانياً) بإلزام المطعون ضدهما الأولين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل التعويض مع المصروفات وقال في بيان دعواه إنه في 6 من فبراير سنة 1958 اشترى من المطعون ضده الأول 18 قيراطاً في منزل يمتلك هو باقيه وكذا غرفة واقعة بالطابقين الأول والثاني من ذلك المنزل ولكن سطحها يقع ضمن سطح منزل المطعون ضدهم جميعاً المجاور للمنزل المبيع مما جعل لكل من المنزلين حقوق ارتفاق على الآخر - وقد تم البيع بثمن قدره 260 جنيهاً دفع منه مبلغ مائة جنيه عند التعاقد والتزم بدفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي كما تعهد الطرفان في عقد البيع بإنهاء حقوق الارتفاق في مدى ثلاثة شهور من تاريخ تسجيل العقد وقد صادق المطعون ضده الثاني في العقد على هذا البيع وعلى أن الغرفة المبيعة ملك للبائع وحده ولما تقدم الطاعن إلى مأمورية الشهر العقاري بالمنصورة للقيام بالإجراءات التي يستلزمها تسجيل العقد وتوجه مهندس المساحة للمعاينة اعترض المطعون ضدهما الأولان وامتنعا عن الإرشاد عن العقار المبيع - وفي 31 مايو سنة 1958 حرر اتفاق جديد بين الطاعن والمطعون ضدهما الأولين التزم فيه الأخيران بعدم التعرض مستقبلاً لأية معاينة وبإنهاء حقوق الارتفاق المبينة تفصيلاً بعقد البيع الابتدائي خلال ثلاثة شهور من تاريخ الاتفاق المذكور - ومضى الطاعن قائلاً في دعواه إنه اعتماداً على هذا الاتفاق تعاقد في 15 من يونيه سنة 1958 مع أحد المقاولين على القيام بالأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق مقابل مبلغ 150 ج تسلم منه المقاول مقدماً مبلغ 80 جنيهاً ولكن المطعون ضدهما الأولين منعا المقاول من مباشرة مهمته مما دعا الطاعن لرفع هذه الدعوى بالطلبات السابق إيضاحها - وفي أثناء سير الدعوى قام الطاعن بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1959 بإيداع باقي الثمن وقدره 160 ج خزانة المحكمة لذمة البائع على أن يصرف له بعد الحكم نهائياً لمصلحة الطاعن وإذ تصرف المطعون ضده الأول بعد ذلك في ذات المبيع للمطعون ضده الثاني بعقد بيع سجل في 14 من يناير سنة 1959 فقد أضاف الطاعن إلى طلباته السابقة طلباً جديداً هو بطلان ذلك العقد لصوريته صورية مطلقة - دفع المطعون ضدهما الأولان أمام محكمة أول درجة بأن الطاعن (المشتري) لم يدفع باقي الثمن كما لم يقم بإنهاء حقوق الارتفاق المبينة بعقد البيع، وفي 19 من مايو سنة 1960 حكمت محكمة أول درجة (أولاً) بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 2/ 1958 الصادر من المطعون ضده الأول إلى الطاعن لرفعها قبل الأوان. (ثانياً) بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن (المدعي) بكافة طرق الإثبات أن عقد البيع الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الثاني والمسجل في 14 من يناير سنة 1959 هو عقد صوري. (ثالثاً) بندب مكتب الخبراء الهندسيين بالمنصورة لمعاينة المنزل محل النزاع وبيان ما إذا كان المطعون ضده الأول قد نفذ التزاماته المحددة بالاتفاق المحرر بينه وبين الطاعن في 31/ 5/ 1958 أم لا مع تحديد ما لم ينفذه المطعون ضده الأول - وأقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد على أن الطاعن لم يف بالتزامه بدفع الثمن وأن الإيداع الحاصل منه غير مبرئ له لأنه لم يسبقه عرض حقيقي علاوة على أنه إيداع مشروط. وقد رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 146/ 12 ق أمام محكمة استئناف المنصورة وفي 8 من إبريل سنة 1961 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف (الطاعن) أنه حاول تنفيذ التزاماته المبينة بعقد البيع المؤرخ 6 من فبراير سنة 1958 بإنهاء حقوق الارتفاق الموضحة فيه فمنعه المستأنف عليهما (المطعون ضدهما) بما حال بينه وبين الوفاء بالتزاماته وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 14 من يناير سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول دعوى المستأنف ضد المستأنف عليه الأول بطلب صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 6/ 2/ 1958 لرفعها قبل الأوان مؤسسة قضاءها بذلك على أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق مما يحق معه للبائع (المطعون ضده الأول) أن يمتنع عن التصديق على عقد البيع النهائي حتى يوفي الطاعن بذلك الالتزام - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأن التزامه بإنهاء حقوق الارتفاق المنصوص عليه في البند الثامن من عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول منقطع الصلة بهذا العقد بدليل ما نص عليه في البند المذكور من أن تنفيذ هذا الالتزام يبدأ بعد ثلاثة شهور من التصديق على العقد أو من تاريخ شهره مما يقطع بأن تنفيذه يجئ تالياً لتنفيذ التزام البائع بالتوقيع على العقد النهائي أمام الموثق ومن ثم فلا يجوز تعليق نفاذ العقد ووفاء البائع بالتزامه هذا على إنهاء حقوق الارتفاق. لكن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تأسيساً على أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق دون أن يرد على دفاعه في هذا الشأن مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من المذكرة المقدمة من الطاعن لمحكمة الاستئناف بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1961 والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن أنه تمسك فيها بأن التزامه بإجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق بعيد الصلة عن عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول وعن الالتزامات التي يفرضها هذا العقد على أطرافه وأن هذا الالتزام طبقاً لما نص عليه بالبند الثامن من العقد لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بالتزامه بالتوقيع على العقد النهائي وبعد تسجيل هذا العقد كما ذكر الطاعن في تلك المذكرة أن اتفاق 31 مايو سنة 1958 لم يعدل من ذلك شيئاً لأنه وإن نص في البند الثاني منه على تعهده بإنهاء حقوق الارتفاق المبينة بالبند الثامن من عقد البيع في بحر ثلاثة شهور ومن تاريخ ذلك الاتفاق إلا أنه نص في البند التالي لهذا البند مباشرة على التزام البائع والمطعون ضده الثاني المصادق على العقد بالتوجه في اليوم التالي لتحرير الاتفاق المذكور إلى الشهر العقاري للموافقة على الإرشاد والتوقيع على استمارة المعاينة مما يقطع بأن هذا الاتفاق لم يعلق تنفيذ التزام البائع بالتوقيع على العقد النهائي على إنهاء حقوق الارتفاق - ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه على الرغم من أنه سجل في أسبابه تمسك الطاعن بدفاعه السابق فإن الحكم لم يبحث هذا الدفاع ولم يرد عليه وقضى بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد تأسيساً على ما قاله من أنه وقد ثبت للمحكمة أن الطاعن لم يقم بتنفيذ ما التزم به من إجراء الأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق فيكون للبائع له وهو المطعون ضده الأول أن يمتنع عن التصديق على عقد البيع النهائي حتى يوفي المشتري بما التزم به وذلك عملاً بقاعدة الدفع بعدم التنفيذ. ولما كان يبين من مطالعة عقد البيع المقدم من الطاعن بملف الطعن أنه نص في البند الثامن منه على الاتفاق على إنهاء حقوق الارتفاق بعد ثلاثة شهور من تاريخ التصديق على العقد أمام موثق العقود بمصلحة الشهر العقاري ببندر المنصورة أو من تاريخ تسجيل العقد - مما يفيد أن التزام الطاعن بالقيام بالأعمال اللازمة لإنهاء حقوق الارتفاق لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بتنفيذ التزامه الخاص بالتوقيع على العقد النهائي. وكان يشترط للدفع بعدم التنفيذ أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاماً مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع ومن ثم فدفاع الطاعن المؤسس على أن التزامه الذي اعتبره الحكم المطعون فيه متخلفاً عن الوفاء به لا يصبح مستحق الوفاء إلا بعد قيام البائع بتنفيذ التزامه بالتوقيع على العقد النهائي هو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وبالتالي فقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يمحص هذا الدفاع ويبحث ما إذا كان اتفاق 31 من مايو سنة 1958 قد عدل ما اتفق عليه الطرفان في البند الثامن من العقد من جعل الوفاء بالالتزام الخاص بإنهاء حقوق الارتفاق تالياً للتصديق على العقد النهائي أو أن هذا الالتزام بقى على أصله كما ذكر الطاعن لمحكمة الموضوع وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث ذلك والرد على دفاع الطاعن سالف الذكر فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.