الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

القصد الجنائي في جريمة إحراز المفرقعات يتحقق دائماً متى ثبت علم المحرز بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيب المفرقعات، ولا ضرورة بعد ذلك لإثبات نيته في استعمال المفرقع في التخريب والإتلاف. كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الإحراز.

وقررت محكمة النقض في حكمها

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحراز مادة مفرقعة (بارود أسود) بغير ترخيص قد شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة لم تستجب إلى ما طلبه المدافع عن الطاعن من تأجيل نظر الدعوى لسماع أقوال الضابط شاهد الإثبات الذي تخلف عن الحضور وأقوال ضابطي المفرقعات والذخيرة كشاهدي نفي في خصوص التعرف على حقيقة المادة المضبوطة باعتبارها وسيلة الطاعن في قطع الأحجار مستندة في رفض هذا الطلب إلى نزول الطاعن عن سماع شهادة الضابط شاهد الإثبات مع أن المدافع عنه هو الذي يستطيع التعرف على وجه الفائدة من سماع تلك الشهادة. كما أن المحكمة لم تبرر علة التفاتها عن الطلب الخاص بسماع شاهدي النفي. واعتبر الحكم اعتراف الطاعن - الذي صدر عنه في غمرة إجراءات القبض الباطلة - دليلاً مستقلاً قائماً بذاته دون أن يذكر مبررات ما ذهب إليه في هذا الخصوص كما دان الطاعن طبقاً للمادة 102 "أ" من قانون العقوبات على الرغم مما ثبت من أنه يستعمل المادة المضبوطة في قطع الأحجار من المحجر الذي يستغله ويكون بذلك قد خالف المبدأ الذي أرسته محكمة النقض في هذا الشأن. هذا وقد تمسك الطاعن بأنه يستعمل ما ضبط معه في قطع الأحجار وهو عمله الذي يعول عليه في كسب رزقه وقدم للمحكمة الملف المطبوع من قضية الجناية رقم 56 سنة 1952 المعادى لتضم المحكمة أصلها الذي حوي تحقيق دفاع مماثل لدفاع الطاعن إلا أنها لم تلتفت إلى هذا الطلب مما يشكل إخلالاً بحق الدفاع يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان القانون رقم 113 لسنة 1957 - والذي تمت المحاكمة في ظله - قد عدل المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بما يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل على ذلك. وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المتهم - الطاعن - قد استغنى عن سماع أقوال شاهد الإثبات الغائب وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت بموافقة النيابة والمتهم ولم يبد المدافع عن الطاعن اعتراضاً على ذلك بل ترافع في الدعوى مما مفاده أنه عدل عن التمسك بهذا الطلب. وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من النعي يكون على غير أساس. أما ما ينعاه في شأن التفات المحكمة عن طلب التأجيل لسماع أقوال ضابطي المفرقعات بوصفهما شاهدي نفى فمردود بأن قانون الإجراءات الجناية قد رسم في المواد 185 و186 و187 طريق إعلان الشهود الذين تطلب النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات. ولما كان الطاعن لم يتبع هذا الطريق فلا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شاهدي النفي اللذين طلب سماعهما بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى قبول الدفع المبدي من الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش عرض لاعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة من أنه كان يحمل صفيحة بها المادة المضبوطة معه واعتبره دليلاً قائماً بذاته مستقلاً عن واقعة القبض والتفتيش الباطلين واعتمد عليه في قضائه - وهو مصيب في ذلك - إذ أن بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها هذا التفتيش ومن هذه العناصر اعتراف المتهم بحيازة المواد المفرقعة المضبوطة بمحضر النيابة اللاحق لإجراء التفتيش. هذا فضلاً عن أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على إثر تفتيش باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما ينتج عنها هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - جاز لها الأخذ بها، ومن ثم يكون ما يعيبه على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الخاص بالتكييف القانوني للواقعة في قوله "وهذه المادة تعتبر من المفرقعات طبقاً لقرار وزير الداخلية المؤرخ 2/ 9/ 1950 المعدل بالقرار الصادر في 2/ 6/ 1955 إذ أن حيازة مثل هذه المادة من شأنه أن يعرض حياة الأفراد وأموالهم للخطر مما يستلزم الحصول على ترخيص بها ولا محل للأخذ بما يطلبه الدفاع من اعتبار الواقعة حيازة ذخيرة لأن الأخذ بهذا الوصف يستلزم أن يثبت للمحكمة بالدليل القاطع أن المتهم كان يحوزها بهذا القصد وهذا ما لم تتبينه المحكمة من التحقيقات" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وتتوافر به جريمة إحراز المفرقعات التي دان الطاعن بها، ذلك بأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق دائماً متى ثبت علم المحرز بأن ما يحرزه مفرقع أو مما يدخل في تركيب المفرقعات ولا ضرورة بعد ذلك لإثبات نيته في استعمال المفرقع في التخريب والإتلاف. كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الإحراز، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن طلب ضم قضية تدعيماً لرأى قانوني لا يقتضى رداً صريحاً من المحكمة طالما أنها طبقت القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - إذ البادي من دفاع الطاعن أنه قصد من تقديم ملف الدعوى المماثلة لدعواه تدعيم دفاعه القانوني من أن الواقعة لا تعدو أن تكون واقعة إحراز ذخيرة لا تنطبق عليها المادة 102 "أ" من قانون العقوبات، ومن ثم فلم تكن المحكمة بحاجة إلى الرد على هذا الطلب بأكثر من تطبيق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً - وهو ما لم تخطئ فيه - ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد من قالة الإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.