الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

وكان من المقرر قانونًا أن الجريمة تعتبر في باب التقادم وحدة قائمة بنفسها غير قابلة للتجزئة لا في حكم تعيين مبدأ المدة ولا في حكم ما يقطعها من الإجراءات، ومن ثم فإن أي إجراء يوقظ الدعوى العمومية يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم ولو لم يكن متخذًا ضدهم جميعًا، وكانت إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات، والعبرة في ذلك هي بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردد صداها فيستوي فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق يشخص كل ما ساهم فيها، وكان من المقرر أيضًا أن إجراءات التحقيق لا تقتصر على قطع التقادم بالنسبة للواقعة التي يجري التحقيق

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مذكرة الأسباب المودعة برقم 9 لسنة 2014 تتابع بتاريخ 2/ 1/ 2014 قد ذيلت بتوقيع غير مقروء فإنه تكون موقعة من غير ذي صفة، مما يتعين معه الالتفات عنها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه - في مذكرات أسبابهم الأربع - أنه إذ دانهم بجريمة ارتكاب فعل من أفعال الممارسات الاحتكارية قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأركان الجريمة التي دانهم بها ودور كل طاعن فيها والشروط الواجب توافرها لاعتبار الشخص مسيطرًا، وخلا من بيان مؤدى طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص في إصداره، وما إذا كان سابقًا على الطلب أم لاحقًا عليه، وخلت مدونات الحكم من بيان اطلاع المحكمة على العقد المحرر بين المجموعة والموزعين وإثبات أنه يتضمن توقيعات لأطرافه، واستخلص الحكم توافر القصد الجنائي من أقوال الشهود دون بيان مضمون الشهادة التي تدل على علم الطاعنين بعناصر الجريمة واتجاه إرادتهم إلى ارتكابها خاصة وأن أقوال الشهود تنفي توافر هذا القصد، وأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة لم يخطرهم بوجود مخالفات وحفظ البلاغ المقدم في هذا الشأن، وجاءت أسباب الحكم متناقضة على النحو المبين بمذكرات أسباب الطعن، وعوّل الحكم على جزء من تقرير صادر عن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة قبل صدور طلب الوزير المختص وأخرج عباراته عن سياقها العام، خاصة وأن التقرير انتهى إلى عدم وجود مخالفات أو أن هناك اقتصارًا بالمفهوم الذي حددته المادة 8/ ج من القانون رقم 3 لسنة 2005، والتفت عن دفاعهم الشفوي والمسطور بشأن هذا التقرير الصادر من جهة فنية مختصة وأطرح الحكم أيضًا تقريرين آخرين صادرين عن جهاز حماية المنافسة وتقريرًا استشاريًا مقدمًا في هذا الشأن تضمنت جميعها عدم وجود ممارسات احتكارية ولم تندب المحكمة خبيرًا لاستجلاء هذا الأمر، هذا إلى أن دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع بُني على خلو التحقيقات التي أجريت من الدليل الفني على ثبوت الاتهام، وأن وجود الجريمة من عدمه لا يتوافر إلا عن طريق تقرير فني يصدر عن جهات حماية المنافسة باعتباره الجهة الفنية المختصة في هذا الشأن، هذا بالإضافة أن الطاعنين دفعوا بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح ردًا، إذ إن الطاعن الثاني لم يواجه بأي جريمة تضمنها قانون حماية المنافسة ولم تتضمن الشكوى التي أشار إليها الحكم لوقائع تتصل بالجريمة محل الاتهام خلافًا لما أورده الحكم والذي جاء على خلاف الثابت بالأوراق، ورد الحكم على الدفع المبدي من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة لاستباقها طلب الوزير المختص وفقًا لنص المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بما لا يصلح ردًا خاصًا، وأن الأمر في حقيقته لم يكن تقديمًا لإصدار الطلب من الوزير المختص وإنما كان استصدارًا لهذا الطلب بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلاً بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثًا عن أمر آخر، كما دفعوا بعدم قبول الدعوى الجنائية لأن الطلب صدر بناءً على ما طلبته النيابة العامة وهو ما لا يتملكه لأن مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة هو الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص في تحديد قيام المخالفة لقانون حماية المنافسة وهو الأمر اللازم تحققه لانعقاد اختصاص الوزير بإصدار الطلب ومن ثم يكون الطلب غير مستوفٍ لشرائطه، بيد أن الحكم أطرح الدفع بما لا يسوغه، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين المؤيد بالمستندات بُني على نفي الاتهام المسند إليهم، وأن ممثلي تسع شركات منافسة أكدوا أمام ممثلي جهاز حماية المنافسة أنهم يتعاملون مع الموزعين بنظام الحصص وقد يتغير حجم الحصص وفقًا لحالة السوق وظروف الإنتاج إلا أن الحكم لم يتناول هذا الدفع إيرادًا وردًا، وأخيرًا فقد دان الحكم المطعون فيه الطاعنين الأول والثاني طبقًا لنص المادة 22 من القانون رقم 190 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005، في حين أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين قد جرت قبل سريانه فتظل محكومة بالعقوبة المقررة في المادة 22 من القانون الأخير قبل تعديلها باعتبارها الأصلح للطاعنين، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوى وعرض لدفاع الطاعنين استعرض مسئوليتهم عن الجريمة محل الاتهام بما مفاده أن مجموعة ...... تتضمن ثلاث شركات ذات علاقة مرتبطة تطبيقًا لمعياري الملكية والإدارة، فإن مسئولية الجريمة المرتكبة تقع على عاتق المتهمين الثلاثة، الأول بصفته " الطاعن الأول " يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة الشركات والعضو المنتدب لشركة ...... لصناعة حديد التسليح وقت ارتكاب الجريمة، والثاني " الطاعن الثاني " كان يشغل وظيفة العضو المنتدب لشركة ...... الدخيلة، بينما الثالث " الطاعن الثالث " كان يعمل مدير إدارة مبيعات مجموعة .......، وباعتبارهم هم المسئولين عن الإدارة الفعلية لهذه المجموعة والقائمين على وضع السياسة البيعية للمجموعة وإبرام العقود مع الموزعين وتحديد حصة كل منهم من خلال لجنة المبيعات والإدارة العليا المنوط بهما الإدارة المركزية لمبيعات المجموعة، وقد ثبت علمهم بالجريمة وترتب على إخلالهم بالواجبات التي تفرضها عليهم تلك الإدارة في وقوعها وذلك استنادًا لما شهد به كل من مدير إدارة سياسات المنافسة بجهاز حماية المنافسة ورئيس فريق العمل المكلف بإعداد الدراسة عن أسباب ارتفاع أسعار حديد التسليح ونائب مدير البحوث والتحريات بجهاز حماية المنافسة والذي كان ضمن فريق العمل الذي أعد الدراسة ومدير قطاع التسويق بمجموعة شركات ....... بتحقيقات النيابة العامة وما قرره الطاعن الثالث في التحقيقات المذكورة من أنه بصفته مدير مبيعات المجموعة فإنه يختص بالاشتراك في وضع الخطة السنوية لمبيعات منتجات المجموعة وعمل عقود الاتفاق ببيع كميات سنوية مع الموزعين الذين تتوافر فيهم الشروط العامة للتعامل في سلعة حديد التسليح ويقوم بوضع السياسة البيعية لجنة المبيعات والتي هو عضو فيها والإدارة العليا للشركة وهي مجلس الإدارة والعضو المنتدب والذي يعتمد الموازنة السنوية للشركة، وأنه هو الذي يقوم بالتوقيع على العقود مع الموزعين بصفته مدير إدارة المبيعات، وأن الثابت من أقوال رئيس الفريق الذي أعد الدارسة فضلاً عن قدرتها على التأثير الفعال من خلال ممارساتها المنفردة في الأسعار وكذلك في حجم المعروض من منتج حديد التسليح في السوق دون أن يكون لباقي المتنافسين القدرة على الحد من هذا التأثير، كما شهد رئيس قطاع التسويق بالمجموعة بأن نسبة استحواذها على هذه السوق تراوحت بين 58% إلى 68% خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2006، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة لتوافر العلم اليقيني للمتهمين الثلاثة بالوضع المسيطر للمجموعة، كما أنهم قاموا بتحديد السياسة البيعية للمجموعة وتصريف إنتاجها ووضع الخطة السنوية لمبيعات منتجاتها من حديد التسليح وعمل عقود اتفاق البيع الشهرية والسنوية مع الموزعين وذلك من خلال ممارسات احتكارية تمثلت في إساءة استخدام الوضع المسيطر للمجموعة بتضمين عقود الموزعين الجزاء المرتبط بنظام الحصص الشهرية الذي تفرضه المجموعة والذي أدى إلى اقتصار بعض الموزعين في فترات زمنية على التعامل وبشكل حصري على منتج حديد تسليح المجموعة دون منتجات باقي المنافسين. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وحدد دور كل طاعن فيها، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصًا تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يحقق حكم القانون ويضحى منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه بالقصور في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه في معرض سرده للواقعة ورده على الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانوني أورد مضمون مؤدى طلب رفع الدعوى وتفويض الوزير المختص في إصداره وأن الطلب المؤرخ 16/ 3/ 2011 جاء مستوفيًا لشروطه وأنه تضمن صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2011 بتفويض الوزير في تطبيق أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 وأن الطلب تضمن الموافقة على اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد أبانت في أكثر من موضع مضمون العقد المحرر بين المجموعة والموزعين لمنتج الحديد، وأن ذلك ورد في تقرير جهاز حماية المنافسة، كما أورد الحكم في موضع آخر بأن الثابت من أقوال رئيس فريق العمل الذي أعد دراسة جهاز حماية المنافسة أن نموذج العقد المتضمن للجزاء في بنده الرابع قدمته مجموعة العز بموجب مستند رسمي ضمن المستندات التي طلبها الجهاز وأثبتت المحكمة في حكمها مطالعتها لنموذجين من العقد المقدم متطابقين ولا يختلفان إلا في اسم الشركة وأن الأول خاص بشركة ...... الدخيلة والثاني خاص بشركة ...... لحديد التسليح وأوردت المحكمة مضمون هذا العقد، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة الممارسات الاحتكارية من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان الحكم قد أثبت أخذًا بما جاء بالدراسة الواردة بتقرير جهاز حماية المنافسة وأقوال الشهود انصراف إرادة الطاعنين إلى إساءة استخدام وضع مجموعتهم المسيطر في سوق الحديد وعلمهم بأن هذا الفعل من شأنه أن يؤدي إلى الاقتصار على توزيع منتجهم دون غيره واتجاه إرادتهم رغم هذا العلم إلى تحقيق هذه النتيجة، ومن ثم فإنه لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادمًا متساقطًا لا شيء فيه باقيًا يمكن أن يعتبر قوامًا لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ثم ساق أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته وعرض لدفاع الطاعنين وأطرحه دون تناقض - على النحو المبين بالتحقيقات - فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها في ذلك، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلي تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدي ذلك أن لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها، فإن إغفالها إيراد تفصيلات معينة يعتبر إطراحًا لها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير حماية المنافسة وأقوال رئيس فريق العمل الذي أعد دراسة ذلك التقرير، وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية التقرير الاستشاري المقدم من الطاعنين، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على التقرير الاستشاري الذي لم تأخذ به أو على الدفوع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمنًا من أدلة الثبوت التي أوردتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة ندب خبير أو اتخاذ إجراء ما، ومن ثم فلا يصح لهم من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم ترَ هي من جانبها حاجة إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جريمة الممارسات الاحتكارية طريقًا خاصًا، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلي دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلي ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلي ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الحالية - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعنون من خلو الحكم من الاستناد إلي دليل فني يثبت الجريمة يلزم صدوره عن طريق جهاز حماية المنافسة، ولا يعدو ما يثيرونه في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونًا أن الجريمة تعتبر في باب التقادم وحدة قائمة بنفسها غير قابلة للتجزئة لا في حكم تعيين مبدأ المدة ولا في حكم ما يقطعها من الإجراءات، ومن ثم فإن أي إجراء يوقظ الدعوى العمومية يقطع التقادم بالنسبة لكل المتهمين حتى المجهول منهم ولو لم يكن متخذًا ضدهم جميعًا، وكانت إجراءات التحقيق تقطع المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بالنسبة لجميع الأشخاص ولو لم يدخلوا في هذه الإجراءات، والعبرة في ذلك هي بكل ما يعيد ذكرى الجريمة ويردد صداها فيستوي فيه ما يتعلق بظروف وقوعها وما يتعلق يشخص كل ما ساهم فيها، وكان من المقرر أيضًا أن إجراءات التحقيق لا تقتصر على قطع التقادم بالنسبة للواقعة التي يجري التحقيق فيها بل يمتد أثر الانقطاع إلي الجرائم الأخرى المرتبطة بها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة وأطرحه استنادًا إلى أن مدة الانقطاع لم تكتمل لوجود إجراءات أنتجت أثرها في قطع مدة السقوط قبل اكتمالها، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يقدح في سلامة ما استطرد إليه الحكم في شأن الفروض الجدلية التي طرحها للبحث، إذ لا يعدو أن يكون تزيدًا لا يعيبه بعد إن استوفى الرد على الدفع المذكور وانقطاعه بأكثر من إجراء من إجراءات الاستدلال في مواجهة أحد المتهمين، وإجراءات التحقيق التي اتخذت في الدعوى، وكذا البلاغات والدعاوى الأخرى التي كانت بين يدي جهات التحقيق المشار إليه فيه، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص ولا سند له. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة وجهت إلى الطاعن الثاني الاتهام بشأن الجريمة محل الدعوى وأن الشكوى المقدمة من المبلغ ضد الطاعن الأول تضمنت قيامه بممارسات احتكارية لمنتج الحديد، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من ذلك يرتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وما ورد بالشكوى المشار إليها ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات النيابة العامة وأطرحه بما يسوغ وسرد أوجه اقتناع المحكمة بصحتها، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون في خصوص الغاية من طلب النيابة العامة من الوزير المختص للمرة الثالثة إصدار طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة محل الاتهام وأنا ليست العدالة وإنما أمر آخر لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم، ولكان لا يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافعين عنهم قد أثار أيهما شيئًا بهذا الخصوص فإنه لا يكون لهم أن يثيروه من بعد أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضي المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية وأن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقًا للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناءً بنص الشارع وأحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد علي حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضيق، وأن الطلب متى صدر ممن يملكه قانونًا حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها ضد كل المساهمين فيها فاعلاً أصليًا أو شريكًا، وصحت الإجراءات بالنسبة إلي كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أية جهة كانت. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ورود طلب تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة المسندة إلي الطاعنين من الوزير المختص على النحو الذي تستلزمه المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2005 والتي لم تستلزم إلزام المختص بإصدار الطلب أن يستطلع أو يأخذ رأي جهة معينة في هذا الصدد، وأنه بصدر هذا الطلب ممن يملكه تعود للنيابة العامة حريتها وسلطتها العامة في مباشرة التحقيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلي المهتم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من التفات الحكم عن أوجه دفاعهم المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 95 من الدستور تنص على أنه " .... لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ...... ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ...... " كما نصت المادة 5/ 1 من قانون العقوبات على أنه (يعاقب على الجرائم بمقتضي القانون المعمول به وقت ارتكابها .....) لما كان ذلك، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقًا للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف فإذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائمًا تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكانت المادة رقم 22 من القانون رقم 3 لسنة 2005 بإصدار قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية - الذي وقعت الجريمة في ظله - قد نصت على أنه (مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر يعاقب على كل مخالفة لأحكام أي من المواد (6، 7، 8) من هذا القانون بغرامة لا تقل على ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه،.....) وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب كلاً من الطاعنين الأول والثاني بعقوبة الغرامة بمبلغ مائة مليون جنيه، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون مما يتعين نفضه - نقضًا جزئيًا - فيما قضي به بالنسبة لعقوبة الغرامة الموقعة على كل من الطاعنين الأول والثاني وتصحيحه بجعل هذه الغرامة مبلغ عشرة ملايين جنيه لكل منهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 3 لسنة 2005 المنطبق على واقعة الدعوى قد نص في المادة 21 منه على جواز التصالح وفقًا للشروط التي أوردها، وكان القانون رقم 56 لسنة 2014 الصادر في 2/ 7/ 2014 بعد الحكم النهائي المطعون فيه وقبل البت في الطعن قد ورد ذات المبدأ بما أجراه من تعديل على نص المادة المذكورة، وكان ما ورد بمذكرة النيابة العامة لدى هذه المحكمة من أن القانون الأخير بمثابة قانون أصلح وهو ما أثاره الدفاع عنهم بجلسة نظر الطعن، وكانت المقارنة في شأن العقوبات المقررة في كل من القانونين ليست في صالح الطاعنين لتجاوز الغرامة الحد الأقصى المقررة في القانون الأول، كما أن أيًا منهم لم يقدم ما يفيد تمام التصالح أو أن إجراءات في شأنه قد اتخذت - ولو لم يبت فيها بعد - فإن التمسك بهذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت مذكره أسباب الطعن الموقع عليها من الأستاذ بهاء الدين أبو شقه المحامي قد تضمنت في صفحتها التاسعة بعد المائة بعد عبارة إنما ليكشف أن الطلب الذي قدم لتحريك الدعوى في المرة الثالثة وبعد سابقتين لم يتم تقدير الطلب فيهما لتحريك الدعوى إحداهما بعد الثورة ....... بما يؤكد أن الأمر لم يكن متصلاً بالبحث عن العدالة بقدر ما كان بحثًا عن أمر آخر ..... " وهي عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن في الحكم، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات الأمر بمحو العبارة الأخيرة.