الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لما كان ذلك وكان ما تثيره النيابة العامة الطاعنة بشأن خطأ الحكم إذ أورد أن تخلى المطعون ضدهما عن المخدر كان لاحقا للقبض عليهما مخالفا ما حصله من اقوال الشهود من أن هذا التخلى كان سابقا على هذا القبض مردودا من ناحية بأن ما حصله الحكم عن واقعة التخلى واضح الدلالة على أنها تمت عند محاولة القبض عليهما أى قبل تمامه على خلاف ما تدعيه بوجه النعى كما أنه مردود من ناحية اخرى بأنه بفرض صحة ما تذهب اليه فان تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائى يهم باللحاق بهما لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه

وقررت محكمة النقض في حكمها

حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه انه اذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة احراز المواد المخدرة المسندة اليهما فقد أخطأ فى تطبيق القانون وفى الاسناد، ذلك بأنه أقام قضاءه على وجوب تقيد رجال الجمارك فيما يقومون به من اجراءات القبض والتفتيش داخل نطاق الدائرة الجمركية بالقيود والضوابط المنصوص عليها فى قانون الاجراءات الجنائية مع أن الصحيح وفق احكام قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أن موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم صفة مأمورى الضبط القضائى غير مقيدين فيما يجرونه من ضبط وتفتيش داخل الدائرة الجمركية بتلك القيود بل يكفى ان تتوافر لديهم فطنة التهريب فيمن يوجد فى هذه المنطقة ليحق لهم ضبطه وتفتيشه، كذلك فقد اقام الحكم قضاءه على ان القبض على المطعون ضدهما قد تم قبل تخليهما عن المخدر مع مخالفة ذلك لما حصله من اقوال الشهود وكان ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى واقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهما من التهمة المسندة اليهما فى قوله "وحيث انه لما كان الثابت من استقراء اوراق الدعوى وتحقيقاتها وما قرره الشاهدان..... انهما اذ كانا فى الكمين المعد من قبل للقبض على من توافرت التحريات عن قيامهم لتهريب بضائع، شاهدا المتهمين ومعهما شخص ثالث - قادمين فى مواجهة الكمين فبادراهما والشاهد الثالث بمحاولة القبض عليهما وعند ذلك القى المتهمان بحملهما، وكان الضابط ومرافقاه من غير موظفى الجمارك الذين منحتهم القوانين الجمركية حق تفتيش الاشخاص فى اثناء قيامهم بتأدية وظائفهم داخل الدائرة الجمركية او فى حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا ما قامت لديهم دواعى الشك او فطنة التهريب فيمن يتواجدون بداخل تلك المناطق ومن ثم فانه - بوصفه من مأمورى الضبطية القضائية - يبقى مطالب بالالتزام بضرورة توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الاجراءات الجنائية، وعلى نحو ما تجيزه المادة 34 منه لمأمورى الضبطية القضائية فى احوال التلبس بالجنايات او الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر من القبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه وهو ما يبيح له وفقا للمادة 46 من ذلك القانون، تفتيش المتهم واذ كان المتهمان لم يشاهدا فى حاله من حالات التلبس بارتكابهما جريمة ما، ولم تكن ثمة مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكابهما جريمة معينه مما يجيز القانون القبض عليهما، ذلك أن مجرد وجودهما أو سيرهما فى مكان الضبط لا ينم وحده عن ارتكابهما جريمة وليس من شأنه أن يوحى الى رجل الضبط بقيام امارات او دلائل على ارتكابهما حتى يسوغ له القبض عليهما بغير أذن من السلطة المختصة قانونا، ولا يقدح فى هذا ما تذرع به الضبط بشأن قالته عن تحريات لم يثبت جديتها او مدى صحتها، عن توقع تهريب بضائع من هذا المكان ما كان حريا به أن يبسط ما اشاعته تحرياته على سلطة التحقيق المختصة لاستصدار اذنها بضبط جريمة التهريب ومرتكبيها اما وهو لم يفعل فيضحى قبضه على المتهمين فى هذه الحالة - بغير مسوغ من القانون، ويكون القاؤهما ما كانا يحملانه وتخليهما عنه وليد هذا الاجراء غير المشروع اذ اضطرا اليه اضطرارا عند محاولة القبض عليهما - فى غير حالاته - لا عن ارادة وطواعية واختيار من جانبهما ومن ثم فان ضبط المخدر على اثر ذلك الاجراء الباطل تنتفى معه حالة التلبس بالجريمة لوقوعه على غير مقتضى القانون... لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان الدستور قد كفل هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للانسان بما نص عليه فى المادة 41 منه من أن "الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل الا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع، ويصدر هذا الامر من القاضى المختص او النيابة العامة وفقا لاحكام القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ما تجريه سلطات الجمارك من معاينة البضائع وامتعة المسافرين هو نوع من التفتيش الادارى الذى يخرج عن نطاق التفتيش بمعناه الصحيح الذى عناه الشارع فى المادة 41 سالفة البيان، وكان قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قد قصر حق اجراء هذا النوع الخاص من التفتيش على موظفى الجمارك، فان مفاد ذلك أن يبقى سائر مأمورى الضبط القضائى فيما يجرونه من قبض وتفتيش داخل الدائرة الجمركية، خاضعين للاحكام العامة المقرره فى هذا الشأن فى الدستور وقانون الاجراءات الجنائية. لما كان ذلك وكانت المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 - لا تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه بغير امر قضائى - اعمالا للمادة 46 من القانون ذاته - الا فى احوال التلبس وبالشروط المنصوص عليها فيها، وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدته أثر من اثارها ينبئ بنفسه عن وقوعها أو بادراكها بحاسه من حواسه، واذ كان الحكم المطعون فيه - فيما خلص اليه من بطلان القبض على المطعون ضدهما وتفتيشهما - قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح واصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة غير سديد. لما كان ذلك وكان ما تثيره النيابة العامة الطاعنة بشأن خطأ الحكم إذ أورد أن تخلى المطعون ضدهما عن المخدر كان لاحقا للقبض عليهما مخالفا ما حصله من اقوال الشهود من أن هذا التخلى كان سابقا على هذا القبض مردودا من ناحية بأن ما حصله الحكم عن واقعة التخلى واضح الدلالة على أنها تمت عند محاولة القبض عليهما أى قبل تمامه على خلاف ما تدعيه بوجه النعى كما أنه مردود من ناحية اخرى بأنه بفرض صحة ما تذهب اليه فان تخلى المطعون ضدهما عما يحملانه عند مشاهدتهما مأمور الضبط القضائى يهم باللحاق بهما لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه.