الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي... ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع. ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.

وقررت محكمة النقض في حكمها 
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه, فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ومن ثم يتعين قبول هذا العرض.
وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مفاده "... أنه على إثر خلافات مالية بين المتهم... والمجني عليه الأول... - شقيق زوجته - قام المتهم بتهديد المجني عليه سالف الذكر بالإيذاء أكثر من مرة والانتقام منه ونفاذًا لذلك قام بشراء وعاء من البلاستيك "جركن" وملأه بمادة البنزين وتوجه إلى شقة المجني عليه صباح يوم... وبعد أن أيقن بتواجد المجني عليه وأفراد أسرته داخلها قام بسكب مادة البنزين أسفل باب الشقة إلى داخلها ثم أشعل النار بها فامتدت النيران إلى داخل المسكن وعند مشاهدة زوجة المجني عليه الأول دلوف النيران إلى داخل الشقة استغاثت بزوجها الذي كان متواجدًا "بالحمام" فخرج عاريًا متوجهًا إلى غرفة نوم أطفاله الثلاثة... و... و... وقام باحتضانهم في محاولة منه لإنقاذهم إلا أنه لم يستطع ولقي حتفه هو وأبناؤه سالفو الذكر حرقًا وتفحمت جثثهم الأربعة على سرير حجرة النوم، بينما قامت الزوجة بالقفز من شرفة المسكن إلى الشارع هربًا من النيران التي أتت على كل محتويات الشقة فحدثت إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي..."، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة استقاها من أقوال شهود ذكرهم ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وأورد مضمون كل هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق. لما كان ذلك, وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي... ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع. ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.كما عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه في تحقيقات النيابة العامة كان وليد إكراه وقع عليه واطرحه في منطق سائغ وتدليل مقبول وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان المدافع عن المحكوم عليه لم يبين في دفاعه بمحضر جلسة المحاكمة وجه التناقض بين أقوال الشهود فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد، ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة قوامها اطمئنان المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى أقوال هؤلاء الشهود. كما أن الحكم المعروض قد أثبت أن القبض على المتهم تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره المدافع عنه بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس. لما كان ذلك, وكان الحكم قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلصهما استخلاصًا سائغًا، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه من انتفاء الدافع على ارتكاب جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون أمرًا متعلقًا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه, كما عرض لما أبداه المدافع عن المحكوم عليه من دفع بعدم جدية التحريات واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اطمأنت إلى جدية تلك التحريات وهو من بعد يكفي ردًا على ذلك الدفع. لما كان ذلك, وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام عـلى مـرتـكـبها وجــود شهـود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهد رأى الجريمة وقت ارتكابها، ومن ثم فإن دفــاع المحـكـوم عـليه فـي هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المعروض بريئًا في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكانت المحكمة تلاحظ من ناحية القانون أن هناك عاملاً مشتركًا بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل العمد المقترنين بها، وهو فعل وضع النار بمسكن المجني عليهم فإنه يكوِّن جريمة القتل ويكوَّن في الوقت نفسه الركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثانية قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب فإذا ما كان وضع النار في المكان المسكون هو العنصر المكون لجناية القتل العمد، فإن ما انتهى إليه الحكم في التكييف القانوني واعتباره القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل وإن كان يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، إلا أن ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم، ذلك بأن عقوبة الإعدام التي قضى بها الحكم مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أثبته الحكم في حق الطاعن وهى أيضا مقررة لجريمة الحريق العمد الذي نتج عنه موت أشخاص، فإذا رأت المحكمة توقيع هذه العقوبة للظروف والملابسات التي بينتها بأسباب الحكم، فإن قضاءها يكون سليمًا. لما كان ما تقدم, وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه وجاء خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.