الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

من المقرر أن الضرر عنصر من عناصر جريمة التزوير لا قيام لها بدونه، وهو وإن افترض توافره وتحقق قيامه بالنسبة للمحررات الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة فيها، لما فى ذلك من تقليل للثقة فيه، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للمحررات العرفية التى ينبغى أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو احتمال حصوله. لما كان ذلك، فإنه كان يتعين على المحكمة عند القضاء بالإدانة استظهار هذا البيان، ولو لم تلتزم بالتحدث عنه صراحة أو استقلالاً، وإلا كان حكمها مشوبًا بالقصور الموجب لنقضه

وقررت محكمة النقض في حكمها 

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: المتهمون من الأول وحتى الخامس: - بصفتهم عاملين بإحدى شركات المساهمة" بنك.... فرع.... الأول مدير له والثانى والثالث رئيسا قسم به والرابع مسئول الائتمان والخامس صراف الخزينة "قاموا بتسهيل الاستيلاء على مبلغ...... جنيه والمملوك للبنك وذلك للمتهم السادس دون وجه حق بأن صرفوا له هذا المبلغ دون ضمانات أو موافقة المركز الرئيسى وخارج نطاق التسهيل الائتمانى الصادر له. ثانيًا: المتهم الخامس: ارتكب تزويرًا فى محررات البنك سالف الذكر وهى إيصالات الإيداع والسحب الخاصة بالمتهم الأخير ويوميات خزينة البنك بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة بيانات وهمية لعمليات السحب والإيداع واستعملها بأن قدمها لإدارة التفتيش مع علمه بتزويرها.
ثالثًا: المتهمون من الأول وحتى الرابع: اشتركوا بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الخامس فى ارتكاب جريمتى التزوير والاستعمال سالفتى الإشارة بأن اتفقوا معه على ارتكابهما وساعده الأول بأن أمده بالأوراق والبيانات اللازمة واعتمدها له فوقعت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. رابعًا: المتهم السادس: ( أ ) اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول إلى الخامس فى ارتكاب جنايتى تسهيل الاستيلاء والتزوير المبينتين سلفًا بأن اتفق معهم على ارتكابهما وساعدهم بالتوقيع على إيصالات الإيداع الوهمية فوقعت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (ب) ارتكب تزويرًا فى محرر عرفى هو الشيك رقم..... والمنسوب صدوره لبنك....... واستعمله بأن قدمه للمتهم الأول مع علمه بتزويره. (ﺟ) أصدر بسوء نية شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. 
وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا..... لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى البنك المدعى عليه مدنيًا قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت غيابيًا للسادس وحضوريًا للباقين عملاً بالمواد 3، 40/ 2، 41/ 1، 214 مكررًا/ 1، 215، 336،337 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون - أولاً: بمعاقبة المتهم السادس بالسجن لمدة خمس سنوات عن جريمتى التزوير والاستعمال الواردتين بالتهمة الأولى وعن التهمتين الثانية والثالثة المسندة إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى "بصفته" مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وببراءته عن باقى التهم. ثانيًا: بمعاقبة كل من المتهمين الأول والخامس بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمة الثانية المسندة لكل منهما وبمصادرة المحررات المزورة وبإيقاف تنفيذ العقوبة وببراءتهما عن باقى التهم. ثالثًا: ببراءة كل من المتهمين الثانى والثالث والرابع. رابعًا: برفض الدعوى المدنية قبل المتهمين من الأول إلى الخامس. وذلك باعتبار أن التهمة المسندة للأول هى جريمة الاشتراك فى تزوير محررات إحدى شركات المساهمة واستعمالها وللمحكوم عليه الخامس جريمة تزوير تلك المحررات واستعمالها وللسادس الاشتراك فى تزوير المحررات سالفة الذكر والتزوير فى محرر عرفى وإصدار شيك بدون رصيد.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.............إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول.... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الاشتراك فى تزوير محررات إحدى الشركات المساهمة - بنك..... - واستعمالها قد شابه الخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب، ذلك أنه اعتبر قسائم إيداع وصرف النقود الخاصة ببنك..... فى حكم المحررات الرسمية، ورتب على ذلك افتراض تحقق الضرر من تزويرها، فى حين أن محررات هذا البنك - وهو من الشركات المساهمة - لا تعدو أن تكون محررات عرفية، مما يحتم توافر ركن الضرر والتدليل عليه وإذ لم يفطن الحكم إلى ذلك وخلا من هذا البيان، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن الأول - مدير فرع بنك..... قد منح المتهم السادس قروضًا متجاوزًا السقف الائتمانى المقرر له دون موافقة البنك، وإذ عسر المدين فى السداد، اتفق مع الطاعن الثانى على أن يثبت خلافًا للحقيقة قيام المتهم السادس بتوريد مبالغ للخزينة ثم سحبها لاحقًا، حتى يمكن تقديمها لإدارة التفتيش بالبنك إخفاء لعسر المدين، وأمده من أجل ذلك بالبيانات اللازمة لإثباتها فى هذه القسائم التى حررها الطاعن الثانى وتم استعمالها فيما حررت من أجله. وبعد أن دلل على ثبوت الواقعة على هذا النحو فى حق الطاعنين عرض لما أثاره الدفاع من أن محررات بنك...... محررات عرفية وانتفاء ركن الضرر واطرحه فى قوله "وحيث إنه لا مراء فى أن بنك.... شركة مساهمة مصرية وفقًا لقرار وزير الاقتصاد بتأسيسه، وثبت من قرار التأسيس ملكيته لمساهمين من الأفراد ولا تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة بنصيب فى ماله بأية صفة ومن ثم فتتمتع محرراته بالحماية المقررة بنص المادة 214/ 1 مكررًا عقوبات، ولا يقبل من بعد النعى على تزويرها أنها محررات عرفية طالما نص صراحة على حمايتها بنص خاص، وإذ ما كان الثابت حسبما سلف أن المتهم...... قد حرر الإيصالات المضبوطة على خلاف الحقيقة بإثبات إيداع وسحب بها لم يتم فعلاً مع علمه بذلك فقد قامت جريمة التزوير فى حقه دون اعتداد بالباعث أو البحث فيه إذ إن مجرد العبث بالمحرر تقوم به الجريمة ويتحقق الضرر فى تزوير هذه المحررات بما فى تزويرها من تقليل الثقة على اعتبار أنها من الأوراق التى يعتمد عليها فى إثبات ما فيها ومن ثم فلا يقبل من بعد الدفع بانتفاء الضرر الواقع أو باعث المتهم على ارتكاب التزوير". لما كان ذلك، وكانت المادة 214 مكررًا من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت فى فقرتها الأولى على أنه "كل تزوير أو استعمال يقع فى محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقًا للأوضاع المقررة قانونًا أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام عقوبته السجن مدة لا تزيد على خمس سنين". فالتزوير الذى يقع فى المحررات الصادرة عن إحدى هذه الجهات، وإن كانت عقوبته السجن، وهى عقوبة مقررة للجناية وفقًا للتعريف الوارد فى المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويرًا فى محررات عرفية نظرًا لأن المشرع لم يسبغ على العاملين فى هذه الجهات والذين تصدر عنهم هذه المحررات صفة الموظف العام أو من فى حكمه وهى صفة لازمة فى إضفاء صفة الرسمية على المحرر - وهو ما فعله بالنسبة للنصوص التى تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الضرر عنصر من عناصر جريمة التزوير لا قيام لها بدونه، وهو وإن افترض توافره وتحقق قيامه بالنسبة للمحررات الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة فيها، لما فى ذلك من تقليل للثقة فيه، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للمحررات العرفية التى ينبغى أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو احتمال حصوله. لما كان ذلك، فإنه كان يتعين على المحكمة عند القضاء بالإدانة استظهار هذا البيان، ولو لم تلتزم بالتحدث عنه صراحة أو استقلالاً، وإلا كان حكمها مشوبًا بالقصور الموجب لنقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - بما قرره من أن المحررات التى دان الطاعنين عن تزويرها شأنها شأن المحررات الرسمية، ورتب على ذلك افتراض توافر الضرر فى هذا التزوير قد تردى فى خطأ قانونى حجبه عن استظهار ركن الضرر فى جريمة التزوير بما يكفى لمواجهة دفاع الطاعن فى هذا الصدد، ومن ثم فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه والإعادة لمحكمة جنايات...... دون محكمة أمن الدولة العليا بعد أن ألغيت بالقانون رقم 95 لسنة 2003 بالنسبة للطاعنين فى جميع التهم - لحسن سير العدالة، ولما هو مقرر من أن نقض الحكم فى تهمة يوجب نقضه فى جميع التهم المسندة إلى المحكوم عليهم مادام أن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات، وذلك دون المحكوم عليه الآخر - ....... - الذى صدر الحكم غيابيًا فى حقه من محكمة الجنايات ودون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول وجميع أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثانى.