الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد دفع بانتفاء مسئوليته كمقاول للبناء لانقضاء فترة الضمان وتسليمه البناء نهائيًا دون تحفظات فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أن أثر انقضاء مدة الضمان المنصوص عليها فى المادة 651 من القانون المدنى قاصر على المسئولية المدنية ولا يتعداها إلى نطاق المسئولية الجنائية

وقررت محكمة النقض في حكمها 

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى الإخلال العمدى بتنفيذ عقد مقاولة والغش فى تنفيذه قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بيانًا تتحقق به أركان الجريمة إذ لم يستظهر اشتراطات عقد المقاولة وماهية الالتزامات التى أخل الطاعن بها والمواصفات الفنية التى خالفها والأعمال التى تعد غشًا فى التنفيذ والضرر الجسيم الذى لحق بالجهة المتعاقد معها ورابطة السببية بينه وبين الفعل المنسوب إلى الطاعن ولم يستظهر توافر القصد الجنائى فى حقه، وعولت المحكمة على تقرير اللجنة الفنية رغم عدم تحليلها للخرسانة المسلحة معمليًا ومضى فترة الضمان المقررة لسلامة المبنى وتسليمه نهائيًا، والتفتت عن دفاعه المؤيد بالتقرير الاستشارى الذى خلص إلى أن انهيار المبنى كان بسبب هبوط التربة لسوء الصيانة وتسرب مياه الصرف إليه ولم تحققه بمناقشة أعضاء اللجنة أو بندب لجنة أخرى ولم تقف على أثر زلزال عام 1992 على سلامة المبنى وأثر خطأ المحكوم عليهما الثانى والثالث على مسئولية الطاعن، وأخيرًا فإن محام واحد تولى الدفاع عن الطاعن والمحكوم عليه الثانى بالرغم من تعارض المصلحة، بينهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده فى بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الشهود من أن العيوب الإنشائية التى ظهرت فى المبنى الذى أقامه الطاعن كانت بسبب الغش لضعف الخرسانة المستخدمة فى تنفيذ الهيكل الخرسانى مما أدى إلى تأكل الخرسانة والحديد الموجود بها وشروخ رأسية بالأعمدة وأخرى طولية بقاع الكمرات وأخرى مائلة على أجناب الكمرات وشروخ فى بعض الحوائط وما بين الحوائط والخرسانة، فضلاً عن سوء الصنعة والذى تمثل فى تجميع الكانات الحديدية بالجزء السفلى فى بعض الأعمدة وزيادة المسافات بين كانات الكمرات وسوء رص الحديد الطولى، فإن ذلك حسبه بيانًا لجناية الغش فى تنفيذ عقد المقاولة بركنيها المادى والمعنوى والذى ارتبط به الطاعن مع الوحدة المحلية لمركز ومدينة..... والتى لا يتطلب القانون لتوافرها والعقاب عليها قدرًا من الضرر وبما يكفى لحمل قضائه بإدانته بتلك الجريمة ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها وبما تنعدم معه مصلحة الطاعن فيما ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة لجريمة الإخلال العمدى بتنفيذ عقد المقاولة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فى ذلك، وكانت المحكمة قد أقامت قضائها على ما اقتنعت به من أسانيد حواها تقرير اللجنة الفنية وأقوال أعضائها واطرحت فى حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشارى فإنه لا يجوز مجادلتها فى ذلك أمام محكمة النقض وهى غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على تقرير الخبير الاستشارى الذى لم تأخذ به أو على الدفوع الموضوعية التى يستفاد الرد عليها ضمنًا من أدلة الثبوت التى أوردتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا إلى أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن ولئن أثار أن اللجنة اكتفت بمناظرة الخرسانة المسلحة بالعين المجردة ولم تجر تحليلاً لها إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء فى هذا الخصوص أو فى أثر زلزال عام 1992 على سلامة المبنى كما لم يطلب ندب لجنة فنية أخرى، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعى عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هى من جانبها حاجة إليه. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد دفع بانتفاء مسئوليته كمقاول للبناء لانقضاء فترة الضمان وتسليمه البناء نهائيًا دون تحفظات فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أن أثر انقضاء مدة الضمان المنصوص عليها فى المادة 651 من القانون المدنى قاصر على المسئولية المدنية ولا يتعداها إلى نطاق المسئولية الجنائية. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بأن المحكمة لم تقف على أثر خطأ المحكوم عليهما الثانى والثالث على مسئوليته فمردود بأن النعى بمساهمة آخرين فى ارتكاب الجريمة لا يجدى الطاعن مادام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتى دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغًا. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة مادامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت فى حق الطاعن ارتكابه جريمة الغش فى تنفيذ عقد مقاولة وأثبت فى حق المحكوم عليه الثانى ارتكابه جريمة التسبب بخطئه فى إلحاق ضرر جسيم بجهة عمله وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة فى حق أحدهما لم يكن من شأنه تبرئة الآخر، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع وكان تعارض المصلحة الذى يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبنى على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع مادام لم يبده بالفعل، ومن ثم فإن مصلحة كل منهما فى الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا أساس له من الواقع أو القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الحكم على الطاعن بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة التى دين بها والمنصوص عليها فى المادة 116 مكررًا (ج) من قانون العقوبات وبما ينطوى على الخطأ فى تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل لتصحيحه مادام أن النيابة العامة لم تطعن فى الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.