الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لا يوجد قانوناً ما يمنع المدعي بالحقوق المدنية من توجيه اليمين الحاسمة للنزاع بشأن وجود عقد الأمانة لدى نظر الدعوى الجنائية، لأن الدفع الذي يوجهه المتهم بإنكار هذا العقد يثير مسألة مدنية بحتة تطبق عليها قواعد الإثبات المدنية، وهي تجيز لكل من الأخصام أن يكلف الآخر باليمين الحاسمة للنزاع. فيجوز للمدعي الذي يعوزه الدليل الكتابي على وجود عقد الوديعة أن يوجه اليمين الحاسمة للمودع لديه، ولا محل البتة لحرمانه من الإثبات بهذه الطريقة أمام المحكمة الجنائية إذ لا يصح تسوئ مركزه لمجرد سلوكه الطريق الجنائي بدل الطريق المدني، ولا وجه للقول بعدم جواز توجيه اليمين الحاسمة أمام القضاء الجنائي لأن ما يمتنع توجيهه هو اليمين التي يكون موضوعها الفعل الإجرامي، إذ لا يجوز وضع المتهم في حرج، إما أن يحنث في يمينه وإما أن يعترف بجريمته، إذ يعتبر ذلك نوعاً من الإكراه على الاعتراف، وهو أمر غير متحقق في الدعوى المطروحة اعتباراً بأن موضوع اليمين فيها ليس الفعل الإجرامي، ولكنه عقد مدني

وقررت محكمة النقض في حكمها 

حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة التبديد ورفض الدعوى المدنية قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده لإثبات تسلمه عقد البيع موضوع الاتهام على سبيل الوديعة فلم تجبه المحكمة إلى طلبه، ولم ترد عليه رغم جوهريته، وأقامت قضاءها على أن العقد المار ذكره لم يسلم إلى المطعون ضده بمقتضى عقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات على خلاف الثابت بأقوال شاهدي الطاعن، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على قوله: "..... الثابت من أقوال شاهدي المدعي بالحق المدني نفسه أنهما تسلما العقد من المتهم للتوقيع كشاهدين عليه ورداه إليه. وخلت الأوراق بالتالي من دليل على أنه تسلمه بموجب عقد من العقود المنصوص عليها حصراً في المادة 341 من قانون العقوبات، ومن ثم فالجريمة المؤثمة بالمادة المذكورة لا وجود لها قانوناً ويتعين بالتالي الحكم ببراءة المتهم عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وحيث إنه عن الدعوى المدنية فلما كانت المحكمة على نحو ما تقدم قد خلصت إلى انتفاء ركن الخطأ وهو العنصر المشترك ما بين المسئوليتين المدنية والجنائية مما لا مناص معه من الحكم برفض الدعوى المدنية......". لما كان ذلك، وكان لا يوجد قانوناً ما يمنع المدعي بالحقوق المدنية من توجيه اليمين الحاسمة للنزاع بشأن وجود عقد الأمانة لدى نظر الدعوى الجنائية، لأن الدفع الذي يوجهه المتهم بإنكار هذا العقد يثير مسألة مدنية بحتة تطبق عليها قواعد الإثبات المدنية، وهي تجيز لكل من الأخصام أن يكلف الآخر باليمين الحاسمة للنزاع. فيجوز للمدعي الذي يعوزه الدليل الكتابي على وجود عقد الوديعة أن يوجه اليمين الحاسمة للمودع لديه، ولا محل البتة لحرمانه من الإثبات بهذه الطريقة أمام المحكمة الجنائية إذ لا يصح تسوئ مركزه لمجرد سلوكه الطريق الجنائي بدل الطريق المدني، ولا وجه للقول بعدم جواز توجيه اليمين الحاسمة أمام القضاء الجنائي لأن ما يمتنع توجيهه هو اليمين التي يكون موضوعها الفعل الإجرامي، إذ لا يجوز وضع المتهم في حرج، إما أن يحنث في يمينه وإما أن يعترف بجريمته، إذ يعتبر ذلك نوعاً من الإكراه على الاعتراف، وهو أمر غير متحقق في الدعوى المطروحة اعتباراً بأن موضوع اليمين فيها ليس الفعل الإجرامي، ولكنه عقد مدني. لما كان ذلك، وكان قضاء الدائرة المدنية لمحكمة النقض جرى على جواز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط إذ يتعذر على الخصم أن يتعرف على رأي المحكمة في الأدلة التي ساقها إلا بعد الحكم في النزاع فيصبح الباب مغلقاً أمامه لإبداء حقه في التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة إذا ما رفضت المحكمة الأدلة الأخرى التي تمسك بها بصدور حكم نهائي في النزاع فلا يستطيع بعد ذلك أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه ومن ثم فلا مفر من أن يتمسك الخصم باليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط أثناء نظر الدعوى. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه أمام محكمة ثاني درجة بجلسة...... طلب فيها احتياطياً توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده لإثبات أن الأخير تسلم عقد البيع موضوع الدعوى على سبيل الوديعة، كما يبين من محضر جلسة........ التي اختتمت بحجز الدعوى للحكم أن وكيل الطاعن تمسك بالطلب المشار إليه على وجه جازم، وكانت الواقعة محل الاستحلاف متعلقة بالنزاع ومنتجة في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على هذا الدفاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان يبين من محضر جلسة...... أمام محكمة أول درجة أن أقوال الشاهدين........ و........ تضمنت أن الطاعن والمطعون ضده قد اشتريا قطعة الأرض موضوع عقد البيع مثار موضوع الاتهام مشاركة بينهما، وكان من المقرر أن يد الشريك على نصيب شريكه في مال تعتبر يد وكيل، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يفطن إلى دلالة تلك الأقوال وأثرها في قيام عقد الأمانة، فإنه يكون معيباً أيضاًَ بما يوجب نقضه. ولا يقدح في ذلك ما هو مقرر من أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد إذ أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - في خصوص الدعوى المدنية - والإعادة، مع إلزام المطعون ضده مصاريفها، وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.