الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

من المقرر أن مجرد إدلاء شخص بأقواله في شكوى لا يعد قذفاً ما دام الجاني لم يقصد التشهير بمن أدلى بأقواله في شأنه للنيل منه، ولا يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف أن تكون عبارات القذف قد تضمنتها شكوى تداولت بين أيدي الموظفين بحكم عملهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المتهم مجرد أحد ورثة مالك العقار الواقعة به عيادة الطبيب المتوفى المتنازع على تركته بين المدعية الثانية وباقي ورثته، فلا شأن له بهذا النزاع ولم يدل بأقواله في المحضر المار ذكره إلا بناء على طلب أحد الورثة المتنازعين وهو ما تستخلص منه المحكمة أن المتهم لم يقصد من إدلائه بأقواله التشهير بالمدعيين بالحقوق المدنية أو النيل منهما ولم يقصد إلى إذاعة ما أسنده إليهما، ومن ثم فلا يتوافر في حقه ركن العلانية الواجب توافره في جريمة القذف، بما يتعين معه تبرئته من هذه التهمة

وقررت محكمة النقض في حكمها 

من حيث إن وقائع الدعوى توجز في أن المدعيين بالحقوق المدنية أقاماها بالطريق المباشر بصحيفة نسبا فيها إلى المتهم أنه أدلى بأقوال في المحضر رقم..... لسنة 1985 إداري قسم.... ضمنها أنه تلقى مكالمة هاتفية من منزل والده بأن حارس العمارة اتصل هاتفياً بأسرته وأبلغ بأن المدعية بالحقوق المدنية أنزلت خزينة من شقة المرحوم زوجها التي كان يتخذها عيادة له، وأنه توجه في ذات اليوم إلى منزل المتوفى لتقديم واجب العزاء وهناك التقى بالمدعي بالحقوق المدنية وأخبره بما نما إلى علمه فأفاده بأنه لديه علم بذلك، ولما كان ما وقع من المتهم يشكل قذفاً وبلاغاً كاذباً في حقهما فقد أقاما دعواهما طالبين - بعد توقيع العقوبة المقررة قانوناً - إلزامه بأن يؤدي إلى كل منهما مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وقدما إثباتاً لدعواهما صورة رسمية من المحضر الإداري المشار إليه، تبين من مطالعته أنه حرر بناء على بلاغ..... بأنه أحد ورثة عمه المتوفى وأن زوجة عمه - المدعية بالحقوق المدنية - تتردد على العيادة المخلفة عن المتوفى وقامت بفتحها وأخذ أشياء منها دون علم باقي الورثة، وإذ سئل كل من....... حارس العقار و...... ممرض العيادة قررا بأن المدعية بالحقوق المدنية قامت بفتح العيادة المذكورة بسبب طفح الصرف الصحي بها وأخرجت بعد الأشياء التالفة نتيجة لذلك خارجها ولم تستول على شيء من محتويات العيادة، وبتاريخ 20 من إبريل سنة 1985 تقدم المُبلِّغ بطلب إلى النيابة العامة لسماع أقوال المتهم فأشر وكيل النيابة على الطلب بسماع أقواله وإذ سئل المتهم بالمحضر المذكور قرر أنه أحد ورثة مالك العقار الذي تقع فيه عيادة المتوفى وقد تلقى مكالمة هاتفية من منزل والده تفيد أن حارس العمارة السابق..... قد أبلغهم بأن زوجة الطبيب المتوفى قامت بإخراج خزينة من الشقة التي كان يتخذها عيادة وقد توجه مساء هذا اليوم إلى منزل المتوفى لتقديم واجب العزاء وأبلغ المدعي بالحقوق المدنية بما نما إلى علمه فأفاده بأنه يعمل بذلك، وإذ سئل الحارس...... بالمحضر المذكور نفى واقعة اتصاله بالمتهم أو إخباره بشيء مما قرر به. 
ومن حيث إن محكمة أول درجة خلصت إلى عدم توافر جريمة البلاغ الكاذب في شأن المدعي بالحقوق المدنية وثبوت الواقعة في شأن المدعية الثانية وثبوت واقعة القذف في حق المتهم وقضت بتغريمه مائة جنيه وألزمته بالتعويض المؤقت المطلوب، فاستأنف المتهم هذا الحكم. 
ومن حيث إنه يشترط لقيام جريمة البلاغ الكاذب أن يثبت كذب الوقائع المُبلَّغ بها وعلم المُبلِّغ بكذبها وأن الشخص المُبلَّغ ضده بريء مما أسنده إليه وأن يكون المبلغ منتوياً الكيد والإضرار بالمُبلَّغ ضده، كما يشترط أن يكون التبليغ من تلقاء نفس المُبلِّغ، فلا تتحقق تلقائية الإخبار فيمن يدلي بأقواله المتضمنة البلاغ الكاذب بناء على استدعاء السلطة العامة له، ولا يرتكب جريمة البلاغ الكاذب الشاهد الذي يضمن شهادته اتهاماً كاذباً ذلك أنه لم يفض بإخباره من تلقاء نفسه ولكن على استدعائه كشاهد. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المتهم قد أدلى بأقواله بناء على استدعائه كشاهد بعد أن أشر وكيل النيابة على الطلب المقدم من آخر بسماع أقواله، ومن ثم فلا تتحقق تلقائية الإخبار فيما أدلى به من أقوال في المحضر المشار إليه، فضلاً عن خلو الأوراق من دليل كاف تقتنع منه المحكمة بكذب الواقعة التي أدلى بها أو علمه بكذبها أو بانتوائه الكيد والإضرار بالمدعية بالحقوق المدنية، فلا يثبت كذب الواقعة من مجرد نفي حارس العمارة لها، ولا ينهض كون المتهم ضابطاً مثل المُبلِّغ دليلاً على انتوائه الكيد والإضرار بالمدعية خاصة وأنه لا شأن له بالنزاع الحاصل بين الورثة ومن ثم فلا تقوم جريمة البلاغ الكاذب في حق المتهم ويتعين القضاء ببراءته منها.
ومن حيث إنه من المقرر أن مجرد إدلاء شخص بأقواله في شكوى لا يعد قذفاً ما دام الجاني لم يقصد التشهير بمن أدلى بأقواله في شأنه للنيل منه، ولا يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف أن تكون عبارات القذف قد تضمنتها شكوى تداولت بين أيدي الموظفين بحكم عملهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق - على النحو السالف بيانه - أن المتهم مجرد أحد ورثة مالك العقار الواقعة به عيادة الطبيب المتوفى المتنازع على تركته بين المدعية الثانية وباقي ورثته، فلا شأن له بهذا النزاع ولم يدل بأقواله في المحضر المار ذكره إلا بناء على طلب أحد الورثة المتنازعين وهو ما تستخلص منه المحكمة أن المتهم لم يقصد من إدلائه بأقواله التشهير بالمدعيين بالحقوق المدنية أو النَّيل منهما ولم يقصد إلى إذاعة ما أسنده إليهما، ومن ثم فلا يتوافر في حقه ركن العلانية الواجب توافره في جريمة القذف، بما يتعين معه تبرئته من هذه التهمة أيضاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض الدعوى المدنية وإلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.