الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

متى كانت أسباب الحكم مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها فإنها تكون معه وحدة لا تتجزأ وبذلك يرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي

وقررت محكمة النقض في حكمها 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ أحمد العوامري بصفته حارساً قضائياً على أرض الطاعنين محل النزاع الكائنة بحي سيدي بشر بالإسكندرية أجر هذه الأرض إلى المرحوم محمد عبد الفتاح سيف مورث المطعون ضدها بصفتيها بأجرة سنوية قدرها 250 ج وذلك بعقد إيجار تاريخه 15 من مارس سنة 1940 نص في البند الثامن منه على أن الإيجار ينتهي بانتهاء حالة الشيوع بين ملاك الأرض أو بانتهاء الحراسة القضائية عليها وفي سنة 1947 رفع الحارس القضائي المؤجر على المستأجر الدعوى رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية طالباً زيادة الأجرة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وعلى أساس أن المستأجر استغل العين المؤجرة في أغراض تجارية إذ أقام عليها أكشاكاً يؤجرها للمصيفين ودكاكين وقد ثار النزاع في هذه الدعوى بين الطرفين حول ما إذا كانت الأرض تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أو لا تخضع فتمسك الحارس القضائي بخضوعها لتلك الأحكام وذهب المستأجر إلى أنها أرض فضاء فلا يحكمها القانون المذكور وقد بحثت المحكمة هذا الخلاف وحسمته في حكمها الذي أصدرته في تلك الدعوى بتاريخ 8 يونيه سنة 1948 بما قررته في أسبابه من "أن المفهوم من عقد الإيجار أن المستأجر قد استأجر العين المؤجرة لا كأرض فضاء وإنما لاستغلالها بما فيها وبما يقام عليها من منشآت وأنه قد روعي في تأجيرها طبيعتها وموقعها وصلاحيتها لأن تقام عليها مساكن للتصييف وأنه لذلك تنطبق عليها أحكام القانون الاستثنائي رقم 121 لسنة 1947" وترتيباً على ذلك قضت المحكمة في تلك الدعوى بأحقية المؤجر في إضافة الزيادة القانونية بواقع 50% إلى الأجرة المتفق عليها وقدرها 250 ج وذلك ابتداء من 15 من أغسطس سنة 1945 - وقد أصبح هذا الحكم نهائياً - وحدث بعد ذلك أن تمت قسمة الأرض المؤجرة بين ملاكها المشتاعين بمقتضى حكم القسمة الصادر في الدعويين 234 سنة 1950 و883 سنة 1951 مدني جزئي الرمل وعندئذ أقام الطاعن الأول الأستاذ سليم اسكندر المحامي الدعوى رقم 713 لسنة 1961 مدني جزئي الرمل على المطعون ضدها بصفتيها طالباً إلزامها بتسليمه القطع التي اختص بها بمقتضى حكم القسمة سالف الذكر وبتسليمه عقود الإيجار الخاصة بها وذلك استناداً إلى أن عقد إيجار هذه الأرض قد انتهى طبقاً لشروطه بانتهاء حالة الشيوع بين ملاكها، وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة المنتزه الجزئية التي قضت في 25 مارس سنة 1962 بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 713 ستة 1962 مدني كلي الإسكندرية وبجلسة 17 من إبريل سنة 1962 تدخل في الدعوى باقي الطاعنين وهم ورثة المرحوم عبد الحميد علي سيف وورثة المرحوم محمد علي سيف والسيدة سميه أحمد العوامري وطلبوا قبولهم خصوماً ثلثاً والقضاء لهم بإلزام المدعى عليها (المطعون ضدها) بأن تسلمهم ما خصهم به حكم القسمة الانتهائي رقم 234 سنة 1950 مدني الرمل من مساحات وبأن تسلمهم أيضاً عقود إيجار شاغلي هذه المساحات - وقد دفعت المطعون ضدها دعوى الطاعنين جميعاً بأنه وقد سبق القضاء نهائياً في الدعوى رقم 1008 سنة 1947 مدني كلي الإسكندرية بأن العين المؤجرة تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه لا يجوز للطاعنين أن يطلبوا استلام هذه الأرض منها بحجة انتهاء حالة الشيوع بينهم لأن هذا السبب ليس من أسباب الإخلاء الواردة في القانون المذكور على سبيل الحصر، ورد الطاعنون على ذلك بأن العين المؤجرة كانت وقت تأجيرها أرضاً فضاء وأنها لذلك لا تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وأن ما قضى به الحكم رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية في أسبابه من خضوعها للقانون المذكور لا يحوز حجية في دعواهم الحالية لأن الحجية قاصرة على منطوق الحكم دون أسبابه وقد أخذت محكمة الدرجة الأولى بدفاع الطاعنين وقضت في 22 يناير سنة 1963 (أولاً) بقبول طالبي التدخل خصوماً في الدعوى (ثانياً) بإلزام المدعى عليها (المطعون ضدها) بأن تسلم المدعي والخصوم المتدخلين (الطاعنين) قطع الأرض التي آلت بمقتضى الحكم الصادر في 17 نوفمبر سنة 1954 في الدعويين رقمي 234 سنة 1950 و883 سنة 1951 مدني جزئي الرمل فاستأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 198 سنة 19 قضائية ناعية على الحكم المستأنف إهداره حجية ما قضى به الحكم رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية من خضوع العين المؤجرة لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947. وبتاريخ 19 من مارس 1964 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهم (الطاعنين) وبتقرير تاريخه 16 من مايو سنة 1964 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 29 يوليه سنة 1965 قاموا فيما عدا الأول منهم الأستاذ سليم اسكندر بإعلان الطعن إلى المطعون ضدها وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الطعن بالنسبة للطاعن الأول عن نفسه لعدم إعلانه طعنه في الميعاد القانوني وبقبول الطعن شكلاً بالنسبة لباقي الطاعنين ورفضه موضوعاً وبجلسة المرافعة الأخيرة تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة ببطلان الطعن بالنسبة للطاعن الأول الأستاذ سليم اسكندر عن نفسه صحيح ذلك أنه يبين من أصل ورقة إعلان الطعن المؤرخة في 29 يوليه سنة 1965 أن اسم الطاعن الأول لم يرد ضمن أسماء طالبي الإعلان وإذ كان هذا الطاعن لم يقم بإعلان طعنه في الميعاد الذي حدده القانون رقم 43 لسنة 1965 وحتى انقضى الميعاد الذي افتتحه القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والتي تحكم إجراءات إعلان الطعن عملاً بالقانون 43 لسنة 1965 توجب على الطاعن إعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه الطعن إليهم في الميعاد وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه فإنه يتعين بالتطبيق لهذه المادة الحكم ببطلان الطعن المرفوع من الأستاذ سليم اسكندر عن نفسه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إنه بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه بنى قضاءه على أن الحكم رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية الخاص بتحديد الأجرة والذي أصبح نهائياً قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه فيما قرره في أسبابه من خضوع العين المؤجرة لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 لأن هذه الأسباب وقد تضمنت الفصل في مسألة جوهرية مرتبطة بالمنطوق وجوداً وعدماً فإنها تكون في مرتبة المنطوق وتحوز مثله قوة الأمر المقضي ويرى الطاعنون أن هذا النظر على عمومه ليس فيه ما ينعى عليه من حيث الأصول العامة لقوة الأمر المقضي غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في تطبيق قوة الشيء المحكوم فيه في الدعوى الحالية لأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 سنة 1947 إذ اعتبر العين المؤجرة خاضعة لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 بمقولة إن تأجير الأرض الفضاء لغرض إقامة منشآت تجارية عليها يجعلها في عداد الأماكن الخاضعة لهذا القانون قد خالف ما تقضي به نصوص القانون المذكور صراحة وما أجمع عليه الفقه والقضاء من أن الأرض الفضاء لا يحكمها هذا القانون الاستثنائي وأن العبرة في تعرف نوع العين المؤجرة هي بوصفها الوارد في عقد الإيجار وليس بالغرض الذي أجرت من أجله وإذ كانت قوة الشيء المحكوم فيه لا تكون للحكم النهائي الذي أخطأ في مسألة من مسائل القانون لأن الأصل أن هذه القوة لا تلحق إلا ما فصل فيه الحكم من الوقائع أما ما يقرره في تفسير صلب القانون وفي مقاصده الذاتية وشرائط تطبيقه فإنه لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا في خصوصية الدعوى التي فصل فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ تقيد بما قرره الحكم رقم 1008 سنة 1947 من خضوع العين المؤجرة لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إن الثابت للمحكمة من الاطلاع على الحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية التي رفعت من الحارس القضائي على العين المتنازع عليها (ممثل المستأنف عليهم) "الطاعنين" ضد مورث المستأنفة (المطعون ضدها) المرحوم محمد عبد الفتاح سيف بطلب زيادة أجرة هذه العين استناداً إلى القانون رقم 121 لسنة 1947 أن هذا الحكم إذ قضى للحارس المشار إليه بزيادة الأجرة إنما أسس قضاءه هذا بعد أن استعرض دفاع الطرفين بشأن انطباق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 ونص في أسبابه على أن تلك العين تخضع فيما ينشأ عنها من منازعات بين المتعاقدين لأحكام هذا القانون، وبذلك تكون أسباب هذا الحكم مرتبطة بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً ونتيجة لازمة له وتحوز هذه الأسباب الخاصة بخضوع العين المتنازع عليها للقانون رقم 121 لسنة 1947 قوة الأمر المقضى فيه. وحيث إنه متى كانت أسباب الحكم رقم 1008 سنة 1947 كلي الإسكندرية قد حازت هذه القوة وكانت هذه الأسباب قد تناولت أن العين المتنازع عليها تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه لا يجوز للمستأنف عليهم (الطاعنين) أن يستندوا في دعواهم الحالية بطلب تسلم العين المتنازع عليها إلى القانون العام دون القانون الخاص رقم 121 لسنة 1947" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك لأنه متى كان النزاع قد دار في الدعوى السابقة رقم 1008 سنة 1947 حول نوع العين المؤجرة وما إذا كانت تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أو لا تخضع وكانت هذه المسألة مسألة أساسية في الدعوى المذكورة تجادل فيها الخصوم وعرضت لها المحكمة في أسباب حكمها فبحثتها وحسمتها بتقريرها أن العين المؤجرة لا تعتبر من الأراضي الفضاء المستثناة من تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وأنها لذلك تخضع لتلك الأحكام وكان تقريرها هذا هو العلة التي انبنى عليها منطوق حكمها فإن قضاءها في هذه المسألة - خطأ كان أو صواباً - متى أصبح نهائياً يكون مانعاً من التنازع فيها بين الخصوم أنفسهم في أية دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه فيها أي الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها ولا يمنع من حيازة قضاء الحكم في تلك المسألة لقوة الأمر المقضي أن يكون الفصل فيها وارداً في أسباب الحكم السابق ذلك بأنه متى كانت هذه الأسباب مرتبطة بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها فإنها تكون معه وحدة لا تتجزأ وبذلك يرد عليها ما يرد عليه من قوة الأمر المقضي، كما أنه لا يمنع من حيازة قضاء الحكم السابق في خصوص خضوع العين المتنازع عليها لأحكام القانون 121 لسنة 1947 هذه القوة كون هذا القضاء قد تناول الفصل في مسألة من مسائل القانون ذلك لأن الحكم لم يقرر قاعدة قانونية مجردة وإنما هو إذ بحث في نوع العين المؤجرة وانتهى إلى إخضاعها بالذات لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يكون قد فصل في تطبيق القانون على واقع مطروح عليه ومتى تعلقت التقريرات القانونية التي تضمنتها أسباب الحكم في هذا الشأن بالوقائع محل النزاع وكانت هذه التقريرات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق وداخلة في بناء الحكم وتأسيسه ولازمة للنتيجة التي انتهى إليها وتكون مع منطوقه وحدة لا تقبل التجزئة كان لها حجية ملزمة كمنطوق الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.