الصفـحة الرئيـسية باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا
إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لما كان من المقرر أن الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً يقيناً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها، كما يشترط لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يكون الجاني قد أقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه مما يتعين معه أن يعنى الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه.

وقررت محكمة النقض في حكمها 

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في الدعوى المدنية بإلزامه بالتعويض عن جريمة البلاغ الكاذب المسندة إليه قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يدلل على علمه بكذب البلاغ المقدم منه وقصده الإضرار بالمدعي بالحقوق المدنية مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من الإطلاع على الأوراق أن محكمة أول درجة كانت قد قضت بعدم قبول الدعوى لرفعها بالمخالفة لأحكام المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لمضي أكثر من ثلاثة أشهر على تحريك الدعوى الجنائية من وقت علم المدعي بالحقوق المدنية بجريمة البلاغ الكاذب التي كان الطاعن قد أسندها إليه. وإذ استأنف المدعي بالحقوق المدنية، فقد قضت محكمة ثان درجة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بعدم قبول الدعوى وبقبولها على سند من القول بأن جريمة البلاغ الكاذب ليست من الجرائم التي عددت حصراً في المادة الثالثة سالفة الذكر والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجني عليه أو من وكيله الخاص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى دون سواها ولو كانت مرتبطة بها، وكانت جريمة البلاغ الكاذب المعاقب عليها بنص المادة 305 من قانون العقوبات ليست إحدى الجرائم التي عددت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجني عليه أو من وكيله الخاص. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة الاستئنافية وهي تفصل في الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية فيما يتعلق بحقوقه المدنية أن تتعرض لواقعة الدعوى وأن تناقشها بكامل حريتها كما كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة ما دامت الدعويان المدنية والجنائية كانتا مرفوعتين أمام محكمة أول درجة، وما دام المدعي بالحقوق المدنية قد استمر في السير في دعواه المدنية المؤسسة على ذات الواقعة ولا يؤثر في هذا الأمر كون الحكم الصادر في الدعوى الجنائية قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه إذ لا يكون ملزماً للمحكمة وهي تفصل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى المدنية وحدها ذلك أن الدعويين وإن كانتا ناشئتين عن سبب واحد إلا أن الموضوع في إحداهما يختلف عنه في الأخرى، مما لا يمكن معه التمسك بحجية الحكم الجنائي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالماً علماً يقينياً لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده بريء منها، كما يشترط لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يكون الجاني قد أقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ في حقه مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه، وكان الحكم المطعون فيه وإن تعرض لموضوع الدعوى، إلا أنه اقتصر على مجرد القول بعدم صحة بلاغ الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية دون أن يدلل على علمه بكذب الواقعة التي أبلغ بها ويستظهر قصد الإضرار بالمبلغ في حقه بدليل ينتجه عقلاً. هذا إلى أنه لما كان الحكم إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى، فقد كان يتعين عليه إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت إحدى درجتي التقاضي على المتهم، وذلك طبقاً لنص المادة 419/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك كذلك فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوع الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.